أهمية الأسرة في الإسلام وطرق صلاحها
بقلم فضيلة الدكتور عبد الرحمن سرحان – عضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بمطروح
الحمد لله رب العالمين،القائل في كتابه الكريم(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله..أما بعد :
لقد أنعم الله عز وجل علينا بنعم كثيرة، لانستطيع عدها،( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا) ، ومن أعظم تلك النعمِ: نعمةُ الأسرة،فهي:
سنة الله في الأرض،قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، ومعلوم أن أولُ أسرةٍ أُنشئت في البشرية كانت بأمرٍ من الله تعالى لأبينا آدم -عليه السلام-، حيث خاطبه سبحانه فقال: {وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
، سنة من سنن الأنبياء والمرسلين، ومعنى ذلك أن المتزوج قد تأسى، واقتدى، واهتدى بهدي الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} ، وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي، وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ».
، سبب من أسباب الرزق، والغنى، والثراء، فمن أراد الغنى والرزق والثراء فعليه بالنكاح، قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ” ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ».
، سبب من أسباب العفة، وحفظٌ للمرء من الوقوع في الفواحش، فعَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
لذا اهتم الإسلام بالأسرةِ اهتمامًا بالغًاً، ودعا إلى تقويتِهَا، ودوامِ ترابطِهَا؛ لتكونَ أسرةً متماسكةً سعيدةً.
أسباب هدم كثير من الأسر وإنهيار كثير من العائلات،وتشريد أبنائها،ومن تلك الأسباب:
مخالفة شرع الله عز وجل:فما وجدنا اسر مشردة ومفككة إلا وافرادها بعيدين كل البعد عن كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-،قال سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ).
، الإعتراف بالحرية المطلقة لكل من الشاب والفتاة:وهذا تصريح واضح لتنحي دور الوالدين من مراقبة أبنائهم،ودعوة لهدم وإنهيار الأسرة المسلمة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: “ثلاث لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يومَ القيامة: العاقُّ والديه، والمرأة المتَرجِّلة، المتشبهة بالرجال، والدَّيُّوث، وثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُّ والديه، والمُدْمِن الخَمر، والمنَّان بما أعْطىَ” ، الديوث:هو الرجل الذي لا يغار على أهله.
، عدم العدل بين الأولاد: وهو طريق إلى تفكيك الأسرة المسلمة،خاصة حينما يُفضل أحد الأبناء على الأخر: فعَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ»، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ”.
، الإعتراف بصديق الأسرة(صديق الزوجة): سواء كان جارها،أو زميلها،أو أحد أقاربها من غير المحارم،وما هذا إلا دعوة صريحة لإلغاء قوامة الرجل على المرأة، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ».
، دعوة المرأة للعمل بدون ضرورة،وبدون ضوابط:وهذا من طرق هدم الأسرة المسلمة وتفكيكها،حيث إن المرأة لاتخرج إلى العمل إلا لضرورة(إذا لم يكن هناك من يُنفق عليها ولا يعولها)فالأصل أن المرأة مسؤولة من الرجل،قال تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) ،وإن خرجت لابد لها أن تلتزم بضوابط الخروج من المنزل(فلاتخرج بمايُلفت نظر الرجال إليها من هيئة ولباس وصوت):قال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
أسال الله أن يحفظ أسرنا وأبناءنا من كل مكروه وسوء،أقول قولى هذا وأستغفر الله العظيم لى ولكم