مسابقة القرآن العالمية.. وماكينة الإبداع المصرية_ بقلم الدكتور/ أحمد علي سليمان ـ عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
في كل يوم يتأكد للجميع أن مصر هي حامي حمى الإسلام، وستظل بأزهرها الشريف، ومؤسساتها الدينية المبدعة في التجديد والتعاطي مع العصر، وراعية لحُفَّاظ القرآن وأهله في كل مكان.
القرآن الكريم هو كلام الله (عز وجل) الخالد، الذي اجتمعت له كلُّ أنواع الشرف العظيم؛ فهو أعظم كتاب، وأجمل كتاب، وأكمل كتاب، وأشرف كتاب، أنزله الله تعالى من أفضل مكان إلى أفضل مكان… أنزله إلى اللوح المحفوظ، ثم أنزله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزله من بيت العزة إلى أفضل نبي هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، عن طريق أفضل مَلَكٍ هو الروح الأمين سيدنا جبريل عليه السلام، في أفضل ليلة هي ليلة القدر، في أفضل شهر هو شهر رمضان، في أفضل مكان هو مكة المكرمة، لخير أمة أخرجت للناس… فأحدثَ اللهُ عز وجل رباطًا مقدسًا بين الأرض والسماء بالقرآن الكريم، الذي اجتمعت له كلُّ أنواع الشرف العظيم: الشرفُ الإلهي.. الشرفُ الملائكي.. الشرفُ البشري.. الشرفُ الزماني.. الشرفُ المكاني.. ولِمَ لا وهو كلام الله…
والقرآن الكريم هو مصدر الأمن والسكينة والطمأنينة والسلام والوئام، ومصدر النور الذي ينير العقول والقلوب والنفوس والدروب، ويرسم معالم البناء النفسي والروحي والعقلي والفكري والأخلاقي والاجتماعي والسلوكي… إلخ.
وحُفاظ القرآن هم مصابيح الهدى والهداية، ومشاعل النور، وناثروا السكينة، ومصادر الخير والبركة، يَسبحون في بحار القرآن الكريم، ويحلِّقون في آفاقه، ويسيرون في دروبه، ويغوصون في كنوزه؛ ليرسموا للناس معالم السلام والوسطية والتسامح والمحبة، ولمَ لا وهم يسيرون وينطلقون وينيرون الحياة بكلام الله…
وقد هيأ الله تعالى لكتابه الخالد حُفَّاظا يَحفَظونه، ومحفظين يُحفِّظونه، وعلماء يوضحونه.. كما هيأ له مؤسسات ودولا ترعى هؤلاء وأولئك، وعلى رأسها مصر… مصر الأزهر، مصر المحبة والسلام.
وفي عشية انطلاق “المسابقة العالمية الثامنة والعشرون للقرآن الكريم” التي تعقدها وزارة الأوقاف تحت رعاية السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، دُعيت من قبل معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، لحضور جلسة تحضيرية مصغرة مع بعض السادة العلماء والإعلاميين، والسادة المحكمين، والمشاركين في المسابقة بفندق جراند نايل تاور بالقاهرة مساء الجمعة 10 ديسمبر 2021م

وقد أشاد المشاركون في المسابقة العالمية بدور مصر الريادي في خدمة الدعوة والقرآن الكريم، وأشاروا إلى أن مصر دائمًا سباقة ورائدة ومبدعة، وأن الجميع يقتفي أثرها.
ودارت مناقشات غاية في الأهمية، تعرب بما لا يدع مجالا للشك أن مكينة الإبداع المصرية تعمل ليل نهار في شتى المجالات، وفي المجال الديني أبدي إعجابي الشديد بقرارات وزارة الأوقاف المصرية الأخيرة بقيادة الوزير الواعي، الذي أعطي تعليمات واضحة للجميع أن أبناء العالم المشاركين في المسابقة وأبناء مصر سواء بسواء، مؤكدًا أن كل المتسابقين من جميع الدول هم أبناؤنا نسعد بهم، وأن الأمانة تقتضي أن نعطي كل واحد نصيبه غير منقوص دون الالتفات إلى أي اعتبارات أخرى، وأن المعيار الوحيد عندنا هو التميز، فأهل القرآن هم ناشروا التسامح في كل مكان، ويلزم على حافظي القرآن أن يكونوا على وعي دقيق بمعانيه ومراميه ومقاصده، وأن الصوت الحسن الجميل منحة ربانية كبرى لصاحبه وللناس، يبعث السكينة والطمأنينة في نفوس الناس، ويؤثر فيهم أيما تاثير، لا سيما وأن كثيرًا منهم يبرعون في تصوير معاني القرآن بأصواتهم الندية، وأن الابتهالات والإنشاد لهما دور في غاية حيث يسهمان في تربية الناس على الذكر والفضائل والارتباط بالله سبحانه وتعالى وبرسوله الكريم…
وقد أسست الوزراة رابطة تجمع المشاركين في المسابقة في دوراتها الماضية سواء من حُفَّاظ القرآن، أو أصحاب الأصوات الحسنة، حول في العالم؛ لرعايتهم والعناية بشأنهم، وترسيخ الترابط بينهم.
كما تحرص جمهورية مصر العربية على تكريم حفظة القرآن الكريم المتميزين من شتى دول العالم في الاحتفال بليلة القدر، الذي يحضره السيد رئيس الجمهورية وقياداتها، تأكيدًا على العناية المصرية بالقرآن الكريم وأهله الأكارم الذين اختصهم الله بحمل كلامه وحفظه في صدورهم وقلوبهم…
والقرارات الجديدة التي تستحق الإشارة والإشادة أن الوزارة فتحت الباب لفئات جديدة للدخول في مسابقات تعيين الأئمة، منها:
– خريجو كلية الإعلام بجامعة الأزهر، للاستفادة بهم في قضية بناء الوعي بصورة علمية، وتطوير أداء زملائهم من خلال نقل خبراتهم الإعلامية لهم، والنهوض بالآليات الإعلامية للوزارة على شتى التراب الوطني…
– خريجو أقسام: الدراسات الإسلامية، واللغة العربية، في كليات التربية بجامعة الأزهر، للإسهام في معالجة الأمور التربوية في مجال الدعوة، خصوصا ما يتعلق بالنشء والشباب…
– خريجو أقسام اللغة الإنجليزية، واللغة الفرنسية في كليات التربية جامعة الأزهر، وأقسام الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية (الإنجليزية والفرنسية والألمانية…) بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، للإسهام في نشر صحيح الدين باللغات في الخارج.
– وضع الضوابط والحوافز التي تضمن ديمومة التطور والإبداع والتجديد، والتنمية المهنية المستدامة، للعاملين على مدى عقدين قادمين.
الوزارة تسابق الزمن في قضية بناء الوعي الديني، وتسير على غرار السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي مؤسس الجمهورية الجديدة، بالتعاون الحثيث مع مشيخة الأزهر الشريف تحت قيادة مولانا فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف. فتحية تقدير لجمهورية مصر العربية، رئيسًا وحكومة وشعبًا كريمًا، وتحية لوزراة الأوقاف ووزيرها الذي يمتلك مقومات النحاج (التفكير الاستراتيجي للحاضر والمستقبل- وضع الضوابط المنهجية _ الاتساق مع متطلبات المرحلة- الرؤية المتسقة مع رؤية الدولة- الإبداع- الجرأة – القرارات – التنفيذ – المتابعة…) وتحية لرجالها وشبابها.
وهكذا تظل ماكينة الإبداع والتجديد المصرية تعمل ليل نهار في شتى المجالات لبناء مصر الحديثة، مصر القوية؛ مصر السلام والتسامح… ونشر الوعي السليم، وترسيخ قيم التنوع والتعددية، ومواجهة الإنحرافات الفكرية والسلوكية..
وبالله تعالى التوفيق