العنف الأسري ظاهرة يرفضها المجتمع وتجرمها الشرائع السماوية

بقلم ايهاب زغلول
المنسق الإعلامي لفرع المنظمة
العالمية لخريجى الأزهر بالغربية

تزايدت في الفترة الأخيرة جرائم العنف داخل محيط الأسرة ماانعكس بشكل سلبي وخطير على المجتمع بأسره وضعف من البنيان الإجتماعي وتماسك اللُحمة الداخلية واحدثت حوادث القتل بين الأزواج وبين الأباء والأبناء والإخوة والأقارب انهيار مفاجئ في منظومة السلم والآمان داخل الأسرة في ظل تراجع غريب للأخلاق والموده والرحمه بين أفراد بعض الأسر وأحدث انقساماً وتراجع الرباط العائلي في العديد من البيوت ما زاد من حالة عدم الإستقرار وغياب الوازع الديني والذي يعد المقوم الأساسي في استقامة الحياه.. وهنا يتسائل الناس أين ذهبت المودة والرحمه والسكن بين الزوجين وأفراد الأسرة وباتت كلمة أسرة تعني حكايات محزنة من الألام والأحزان وبشاعة الجرائم ونحن نعلم أن الزواج من سنن الله تعالى في خلقه، وهو آية من آياته سبحانه وتعالى في الكون لذلك جعل سبحانه المودة والرحمة من اصول الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة، وهي السكن بينهما لقيام مجتمع قويم يسوده الحب، والتآلف، والتراحم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي دليل على الرحمة والعمل على تحقيق المصلحة العامة وصلاح المجتمعات الإنسانية.

ولاشك أن العلاج يبدأ من المنشأ حيث الأسرة والتربية الصالحة وتعليم النشئ المسئولية وأن كل راعٍ سوف يُسأل عن رعيته ومن المفيد للقادمين على الزواج التعريف بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وان تُعلم كل أم ابنتها وابنها الصبر على تقلبات الحياة وتحمل مشاق وأعباء الحياة والجلد والمثابرة واحترام الآخر والتأكيد على الثقة المتبادلة واحترام خصوصية كل طرف للآخر مع إعطاء كل طرف للآخر مساحه كافيه من الحرية للتعامل وتغافل بعض الأخطاء العادية والإكتفاء بالتوجيه دون احراج الطرف الآخر ولنا في المنهج النبوي المثل والقدوة الصالحة فقد علمنا صلى الله عليه وسلم من مواقفه الإنسانية الرحيمة مع زوجاته وجائت واضحة في كتاب الله بسورة التحريم قال تعالى ”عرّف بعضه وأعرض عن بعض …”
فكان صلى الله عليه وسلم رحيما عطوفا حانيا بزوجاته يوجههن بكل ود ولين ورحمه محافظا على الإستقرار الأسرى ومعلما للإنسانية جمعاء ولاشك أن ديننا الحنيف وضع ضوابط وشروط للزواج قائمة على المودة والرحمة والسكن وهي من مقاصد الزواج التي يجب علي كلاً من الطرفين أن يسعى لتحقيقها، فاستقرار الأسرة يبدأ بحسن الإختيار والتمسك بالأخلاق والدين فذات الدين والخلق هي التي تعين زوجها على دينه ودنياه وآخرته، وتصون الشرف والعرض والعفاف قال صلى الله عليه وسلم “تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك “كما أن اختيار المرأة للرجل لابد وان يكون على هذا الأساس فعن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد عريض”
وقد أمرنا الإسلام أن نتخير لنطفنا وأن نختار من بيوت الصلاح والإيمان لأن من تربوا على هذا النحو سينتجون أولادا صالحين للمجتمع وقد سئل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ما حق الولد على أبيه؟ فقال أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القران ” وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على المودة والألفة والرحمةبين الأزواج حتى تستقيم العشرة وتستقر الأسرة وجهل الكثير من الأزواج بالحقوق والواجبات المتبادلة، والتراخي في الالتزامات المترتبة على كل طرف تجاه الآخر وتجاه الأبناء والمجتمع مع ضعف الوازع الديني وقلة الوعي من الأسباب المباشرة للمشكلات الأسرية فالبعض يعتقد أنه ديكتاتور وأن الطرف الآخر مستعبدا لدية متناسيا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم- ” لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر” . لا يفرك: أي لا يكره. رواه مسلم . بل من المؤسف أن بعض الأزواج والزوجات لا يدركون أن لكليهما حق الإختلاف في الرأي وأنه لايفسد للود قضية فهو سنة من سنن الحياة ، فالله خلقنا مختلفين في الطباع والفكر ، قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}. هود( 118 ، 119) .

وأن التحجر في الرأي وسوء الفهم وتصيد الأخطاء في العلاقة الزوجية يفسد الحياة وإصرار طرف على تحقيق كافة المطالب وبخاصة الزوجات في وقت قد ترى فيه الظروف لا تحقق ذلك وعدم التماس العذر للطرف الآخرى ما يعني تشقق أسرى وصراع مستمر يؤدي إلى العنف حتماً كما أن حب الذات والنظر لأحوال الآخرين يثير المشاكل والهم والحزن فليست كل الأسر مثل بعضها فهناك أسر فقيرة وأخرى متيسره لكن الفقر ليس عيباً ولايمكن أن يعاير طرف لآخر بقلة ذات اليد فالغني الحقيقي غني النفس والأخلاق وليس غني الدولار والظروف الإقتصادية من أخطر المحطات التي تتوقف عندها الحياة الأسرية لكثرة الخلاف نتيجة للتطلع للآخرين وعدم الرضى بماقسمه الله فضلاً عن إفشاء أسرار الحياة الزوجيه وابراذ عيب كل طرف للآخر وتدخل العامة في شئون الأسرة وهو كارثة بكل المقاييس في ظل وجود أشخاص لايحبون الخير لتلك الأسر فضلاً عن وجود مواد إعلامية للأسف تدعم العنف وتجعل من البلطجة وأخلاق السوقة قدوة ومثل سيئ لنشاهد النتائج جرائم قتل يندى لها الجبين داخل وخارج الأسرة وهو مايتطلب رؤية إعلامية مسئولة تحمي المجتمع وأفراده وتحقق الأمان المجتمعي
وتقدم من التوعية مايحمي الأبناء من الإنحراف والضياع قال صلى الله عليه وسلم ” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ” رواه النسائي وهذا واجب اجتماعي ومسئولية مشتركة بين الجميع.

وتشير الدراسات الإجتماعية مؤخرا أن العنف الزوجي في الآونة الأخيرة بسبب اختفاء لغة الحب والإحترام بين المتزوجين وانعدام الرضا والتضحية وارتفاع سقف الطموح والمطالب في ظل القدرات المحدودة والمقارنة بين الأسر وبعضها من حيث الرفاهية وغيرها والتي قد تسبب عقد اجتماعية وعدوانية والميل للإنتقام فضلا عن ارتفاع نسبة الإنفصال والإضطرابات العائلية وهي عناصر دخيله وثقافات لم تكن موجوده من سابق بمجتمعنا وربما تتدفع إلى فقدان الهوية وقلة الوزاع الديني والظواهر السلبية من العنف والقتل وهو مايحتاج إلى رؤية اجتماعية شاملة ودراسات علمية لإيجاد حلول فعلية على أرض الواقع مع أهمية وجود رسالة إعلامية ودينية قوية تناسب مقتضيات الحال!!

زر الذهاب إلى الأعلى