د.إلهام شاهين للوافدين بخريجي الأزهر : الجماعات المتطرفة تستغل النساء سيكولوجيًا لتجنيدهن فكريًا
كتبت _ آيه الحسينى
قالت الدكتورة إلهام شاهين مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات: إنّ التنظيمات الإرهابية تضع مخططا سيكولوجيا واجتماعيا لفنِّ التعامل مع ضحاياه، للزج بهم في براثن التطرف، مستغلين تنوّع واختلاف أنماط الشخصيّة النسائيّة، وتنوع الاهتمامات المختلفة لكل امرأةٍ على حِدة، لتجنيدها سواء عقليًا بإقناعها بأفكارهم السوداء، أو فعليّا بانضمامها إلى صفوفهم.
جاء ذلك خلال محاضرتها عن “المرأة في فكر الجماعات المتطرفة”، خلال الدورة التدريبية المنعقدة بمقر المنظمة العالمية لخريجي الأزهر للطلاب الوافدين من جنسيات مختلفة، في إطار ما تقوم به المنظمة من تصحيح للأفكار المتطرفة وبيان صحيح الدين ونشر المنهج الأزهري الوسطي.
وأوضحت شاهين، أن التنظيمات الإرهابية كي تحقق مآربها من السيطرة على العقول وبث سمومها تستغل في هذا الشأن أنماط الشخصية المختلفة للمرأة لإعادة هيكلة عقول هؤلاء النساء للزج بهم في عملياتهم الإرهابية.
وأشارت الدكتورة إلهام شاهين، إلى قدرة الجماعات على التعرف على شخصية الضحية، لافتة إلى كيفية استغلال تلك الجماعات الصعوبات الحياتية التي تواجهها نوع من النساء كصاحبة الشخصية المحفزة، فيبدأ التنظيم معها خلال إصداراته المتطرّفة التي تأخذ طابعا توجيهيّا حتى تصل لمراحل الإقناع التدريجي بأفكار المهتمين بشأنها.
كما أوضحت شاهين، أن رقة القلب وتدفق العاطفة عند المرأة المسالمة، يستغل من قبل هذه الجماعات، الأمر الذي يجعلها تنساق وراء ظاهر الحديث وليس مضمونه، لذلك نجدها تُقْدِم على تصديق الأخبار الكاذبة والتشبث بها من دون غيرها، لأنها لامست القلب دون العقل؛ لذا نرى بعض النساء المنضمات إلى هذه الجماعات يرددن الجمل والعبارات ذات الصبغة المتطرّفة والمتشدّدة دون تفهُّم أو تعقل لمعانيها.
وقالت: إن ممارسات الجماعات الإرهابية لم تقف ضد المرأة عند هذا الحد من الاستغلال بل تعدت لاستخدام العنف ضدها إذا ارتكبت إحداهن أي مخالفة بسيطة وتصنف على أنها خروج عن الشريعة، كما ترتكب هذه الجماعات ضد النساء مشاهد للتعذيب والإعدامات والانتهاكات وكثرة ضحايا التزويج والاغتصاب والتنكيل.
كما قالت د. إلهام شاهين، إن المرأة في نظر جماعات التطرف، هي أداة لتحقيق أهدافهم المسمومة ووسيلة لإظهار أنهم مسيطرون ولهم تواجد كبير في المجتمع، دون الالتفات إلى كينونة المرأة أو أخلاقها
وبيّنت أن أوضاع المرأة لديهم تكون بين الإفراط والتفريط؛ فبحسب الأول فهم يرون أن المرأة عورة وكل حقوقها تتمثل في المأكل والمشرب والملبس، بل وأنها أداة للمتعة يجوز المتاجرة بها، أما التفريط فيُقصد به الجانب العلماني الذي يدعوها للتنازل عن الأخلاقيات والسلوكيات التي جاء بها الإسلام كحصن لها،باسم الحرية والتقدم، وتختلف نظرتهم هذه طبقًا لمصالحهم وما يخدمهم، موضحة أن بداية ظهور هذه الجماعات كانت على يد الإخوان الارهابية مع اعتناق فكرة أن المرأة ليست سوى عورة، ثم وجدت بعد ذلك أنه لابد من أن يغيروا من فكرتهم بما يتلائم مع مخططاتهم وكيفية استغلال المرأة في تنفيذها
وقد أشارت إلى جماعة داعش الإرهابية كنموذج لدراسة المرأة في نظرهم، مبينة أن المرأة لها عدة أنماط يتم تصنيفها تبعًا لهم وأول الأنماط هو المرأة ذات الشخصية القيادية المستقلة، فيثنون عليها ويشاركوها الرأي مقنعين إياها بأن المجتمع في حاجة لها لإرشاد النساء الضعيفات ودعمهم إلى أن يستدرجونها لصفوفهم وتصبح ضمن جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما النمط الثاني فهو المرأة ذات الشخصية المتمردة التي لا تتقيد بعادات المجتمع وتهوى الحرية، فعندما تتمرد على المجتمع الذي تعيش فيه تفتح لجماعة داعش طريقًا لاستقطابها عبر تسليط الضوء على المغامرة الجديدة غير المقيدة للحريات بالمجتمع الجديد الذي بانتظارها، وعن النمط الثالت للمرأة في جماعة داعش، فهو عن المرأة المحفزة التي لديها طاقة في جذب وتحفيز الآخرين والتأثير عليهم، وهذا النوع يتم استدراجه عن طريق المنشورات والإدارات التي تهدف لإدخال فكرة أنها امرأة ملهمة ويجب أن تساعد في إرشاد عناصر المجتمع نحو الأفضل، وهذا عكس النمط الأخير الذي يخص المرأة المسالمة والتي تكون فريسة سهلة الانقياد لتوجههم بالتأثير عليها إما بعبارات استعطافية أو بأي شكل آخر، مضيفة أن كل الأنماط المختلفة للمرأة عندما يتم إدماجها معهم تصطدم بحقيقة أنها دخلت إلى حلقة مقيدة وأصبحت مسيرة لتنفيذ أوامر قادة تلك الجماعات

أوضحت أن جماعات التطرف تستغل احترام المجتمع لكينونة المرأة بأن تتخذها ساتر وستار للعمليات الانتحارية، وذلك باللباس الخاص بالمرأة وعدم تفتيشها ذاتيًا بالأماكن العامة، وجعلها في الصفوف الأولى خلال الحروب والمظاهرات التي يزعزعون بها أمن الوطن والمجتمع يحمون بها أنفسهم ويتوارون خلفها عن أي خطر، وهو ما يعد أقبح استغلال ينم عن رجال جبناء لا تربطهم صلة برجال الإسلام الشجعان، ذاكرة أنها وصلت في خستها إلى منع المرأة من التعليم وسلبها حقها فيه، عكس ما تأتي به شريعتنا وما فرضه الله على بني آدم أجمعين؛ فالله أعطى كل إنسان الحق في طلب العلم وتحصيله،رجال ونساء كلٌ سواء
وتطرقت إلى أن ديننا الحنيف لم يوجب الجهاد على المرأة، كما يزعمون وينشرون؛ فالله تعالى قد كرّمها بفريضة الحج كجهاد خاص بها غير الجهاد في سبيله حفاظاً على النوع البشري والنسل الإسلامي ورحمةً بفطرة المرأة وعاطفتها التي تتميز بها عن طبيعة الرجل وقد ينتزعها الجهاد منها، مشيرة إلى أنه يجب علينا تفنيد وتكذيب زعمهم هذا وما يعملون جاهدين على توصيله للمجتمعات وسعيهم في نشر الفتنة والأفكار المغلوطة بين أفرادنا بإعلامهم المضلل، بأن نتصدى ونكشف ممارساتهم الحقيقية ونواياهم الخبيثة من المرأة واكتسابها لصفوفهم
كما أكدت أن السبيل الوحيد للنجاة من الوقوع في براثن جماعات التطرف وبطشها هو بالمنهج الإسلامي المعتدل الذي يحترم المرأة ويقدّرها، فالإسلام أباح لها الحق في العلم والعمل وتقلد المناصب التي تتناسب وطبيعتها بما يجعلها تؤدي دورها في الحياة كشريكة وأم وسكن لأسرتها بشكل صحيح ومتوازن، فالدين الذي ينص على الموعظة الحسنة وعدم التعسف أو الإجبار في دخوله أو أحكامه، والذي يضع للمرأة المسلمة مكانة عليا وأهمية كبيرة، تنزهها عن كل أذى لكيانها ويرفع من قيمتها هو الأصح والأولى أن يُتبع ويُنشر بكل الوسائل دحضًا لما يتداوله هؤلاء باسم الدين.