«الإفتاء» توضح حكم أكل الأخطبوط
ما حكم أكل الأخطبوط من حيوانات البحر؟
سؤال ورد إلى دار الإفتاء.. وأجابت: إن أكل الأخطبوط البحرى جائز شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، ما لم يكن فى أكله ضرر بصحة الإنسان؛ كأن يكون سامًّا أو محمَّلًا بالأمراض أو غير ذلك، مما يُعْلَمُ بالرجوع إلى أهل التخصص فى هذا الأمر.
موضحة أنه قد امتن الله تعالى على عباده بأن أحل لهم طيبات ما فى البر والبحر من الأطعمة؛ قال تعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» (البقرة: 172)، فالأصل فى الأطعمة والأشربة الحل ما لم يرد دليل بتحريمها؛ قال تعالى: «قُلْ لَا أَجِدُ فِى مَا أُوحِى إِلَى مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (الأنعام: 145﴾.
تابعت الدار أنه ورد عن سلمان الفارسى- رضى الله- عنه قال: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن السَّمْنِ، وَالْجُبْنِ، وَالْفِرَاءِ، قال: «الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِى كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِى كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» أخرجه الترمذى وابن ماجة والبيهقى فى «السنن»، والطبرانى فى «المعجم الكبير» وصححه الحاكم فى «المستدرك».
قال العلامة نجم الدين الطوفى الحنبلى فى “شرح مختصر الروضة” (1/ 399، ط. الرسالة): الأصل فى الأطعمة ونحوها الحلّ، ليس ذلك بناء على تحسين العقل وتقبيحه؛ بل الحجة فى ذلك الكتاب والسنة والاستدلال.
أما الكتاب: فقوله سبحانه وتعالى: «هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا» (البقرة: 29﴾، وقوله سبحانه وتعالى: «اللهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ»، إلى قوله سبحانه وتعالى: «وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ» (الجاثية: 12-13)، ونظائرها من الآيات.
وبيَّنت الدار وجه الاستدلال: أنه سبحانه وتعالى أخبرهم فى معرض الامتنان عليهم، وتذكيرهم النعمة أنه خلق لهم ما فى الأرض وسخره لهم، واللام للاختصاص أو الملك إذا صادفت قابلًا له، والخلق قابلون للملك، وهو فى الحقيقة تخصيص من الله سبحانه وتعالى لهم بانتفاعهم به، إذ لا مالك على الحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى، فاقتضى ذلك أنهم متى اجتمعوا وما خلق وسخر لهم فى الوجود، ملكوه، وإذا ملكوه جاز انتفاعهم؛ إذ فائدة الملك جواز الانتفاع.
أشارت دار الإفتاء إلى أن الضابط فى حرمة الأطعمة ورود النص بتحريمها؛ كالخنزير والميتة وما ذبح لغير الله، أو كونها مما يُستخبث أو يُستقذر أو يضر بمن يتناوله؛ للقاعدة العامة «لا ضرر ولا ضرار»، فما لم يرد نصٌّ بتحريمها مع كونها خالية من الاستقذار أو النجاسة والضرر جاز أكلها.