مفهوم البيعة والخلافة وكيفية الوقاية من الفكر المتطرف
بقلم أ.د بديعة الطملاوي
عضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالغربية
العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالإسكندرية
ظاهرة العنف والتطرف الفكري والغلو في الدين ليست وليدة اليوم أو الأمس ، فهي متواجدة منذ أقدم العصور ، فالتطرف ، من أخطر الأمراض التي تفتك بالمجتمعات ، وتقتل روح الحب والتسامح والعيش المشترك بين الشباب وأفراد الأمة قاطبة ، فظهور الجماعات الإرهابية التي تتبنى القتل ونشر الكراهية والحقد بين أفراد الأمة الإسلامية بزعم إعادة مصطلح الخلافة الإسلامية ، وفي سبيل تحقيق هذا المقصود يستحلون الدماء والاموال ويقتلون الأبرياء لا لشيء إلا أنهم يخالفونهم في الفكر أو الرأي.
تحاول الجماعات الارهابية بعد مقتل زعيم تنظيم داعش المدعو أبوابراهيم الهاشمي القريشي، لاختيار بديل لهم تحت شعار ما يسمى بـ “عقد البيعة” والخلافة فجماعات الفكر المتطرف تحاول أن تعبث في فكر وعقول الشباب بأفكار خاطئة بعيدة كل البعد عن النهج الوسطي المستنير والذي يهدد سلامة وأمن المجتمعات والشعوب ،ومصطلح أهل الحل والعقد وهو مصطلح لم يرد في كتاب الله تعالى ولا في سُنة رسوله ،وشكل أنظمة الحكم يتغير حسب الزمان والمكان .
إن الجهل بالدين ، وتفسير نصوصه وآياته وتأويله باتباع الهوي يؤدي إلى الغلو والتطرف ، وفي ذلك يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- “إياكم والغلو ، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين” ، وحذر الرسول –صلى الله عليه وسلم- بهلاك المغالون في الدين ، فقال : ” (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ) إن خطورة التشدد والتطرف تكمن في كونه المغذي الأساسي لخطاب الكراهية والتعصب ، والعنف يردي إلى استعمال القتل وإزهاق الأرواح بدون وجه حق ولا سبيل إلى ذلك إلا بانتهاج وسطية الإسلام ، والفهم الصحيح للدين ، ونبذ خطاب الكراهية ، ونبذ القهر والاضطهاد ، وتحريم قتل النفس البشرية في أي زمان ومكان لقوله تعالى : ((ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)).
و التطرف الفكري فهو حالة من التعصب في الرأي والخروج عن حد الاعتدال في التمسك بتعاليم الدين والمغالاة في تنفيذ أوامر الله تعالى ونواهيه، الجهل بالأحكام الشرعية، والفهم الخاطئ للنصوص الشرعية ، والالتفات إلى المسائل التي اختلف عليها الفقهاء والتمسك بالأضعف منها ، وغياب القدوة والتفكك الأسري والغزو الغربي بأفكارهم ومعتقداتهم .
علينا أن نحمي شبابنا وأن نوجههم بأسلوب هين لين يتناسب مع طبيعة التطورات الحياتية السريعة ، وتثقيفهم دينياً ونفسياً واجتماعياً ، وإكسابهم الثقة بأنفسهم وأنهم قادرون على تخطي جميع الصعاب والتحديات ،فالتدين الوسطى الصحيح بعيدا عن التطرف والغلو ، فهو صمام الأمان الذي يحفظ شبابنا من الانجراف نحو الأفكار الخاطئة ، لا سيما في هذا الوقت الذي انفتح فيه العالم وأصبح قرية واحدة ، ومن السهل على الشباب أن يحصل على كل ما يريد في وقت قصير جداً..