محبة الله للعبد.. بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ تَنَافَسَ فِيهَا الْمُتَنَافِسُونَ ، وَعَمِلَ لِأَجْلِهَا الْعَامِلُونَ الْمُخْلِصُونَ وَشَمَّرَ لَهَا الْمُحِبُّونَ السَّابِقُونَ ؛ هِي قُوتُ الْقُلُوبِ وَغِذَاءُ الْأَرْوَاحِ وَقُرَّةُ الْعُيُونِ وَهِي الْحَيَاةُ الَّتِي مَنْ حُرِمَهَا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَاتِ وَالنُّورُ الَّذِي مَنْ فَقَدَهُ فَهُوَ فِي بِحَارِ الظُّلُمَاتِ وَالشِّفَاءُ الَّذِي مَنْ عَدَمِهِ حَلَّتْ بِقَلْبِهِ جَمِيعَ الْأسْقَامِ وَاللَّذَّةُ الَّتِي مَنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهَا فَعَيْشُهُ كُلُّهُ هُمُومٌ وَآلَاَمٌ إِنَّهَا مَحَبَّةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ وَالَّتِي مِنْ أَهَمِّ أسْبَابِهَا :

تَوْحِيدُهُ لِرَبَّهُ وانْكِسَارُ قَلْبِهِ لِخَالِقِهِ وَاسْتِشْعَارُهُ لِفَاقَتِهِ وَفَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَى رَبِّهِ الْقَائِلُ :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾

[فَاطِرٍ: 15-17]

وَمِنْ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ :

دَوَامُ ذِكْرِهِ لِرَبِّه عَلَى كُلِّ حَالٍ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ ، وَخَلْوَتِهِ وَجَلْوَتِهِ ؛ فَنَصِيبُهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ هَذَا الذِّكْرِ فَمَنْ أَحَبَّ أَحَدًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ أَحَبَّ خَالِقَهُ سُبْحَانَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾

[الْأَحْزَابِ: 41-42]

وَقَالَ سُبْحَانَهُ :

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[الْبَقَرَةِ: 152]

وَقَالَ تَعَالَى :

﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾

[الْبَقَرَةِ: 198]

وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ :

أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ .

[ متفق عليه ]

وَمِنْ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ :

التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا سَبَبٌ فِي مَحَبَّةِ اللهِ لِعَبْدِهِ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ :

وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ .

[ رواه البخاري ]

وَمِنْ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ :

اِتِّبَاعُهُ لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ وَالْاِقْتِدَاءُ بِهَا وَسُؤَالُ اللَّهِ الثَّبَاتَ عَلَيْهَا .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

[آل عمران:31].ط

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَتَقَرَّبُوا إِلَى رَبِّكُمْ بِمَا يُحِبُّ لِتَفُوزُوا بِمَحَبَّتِ سُبْحَانَهُ فَلَيْسَ الْعِبْرَةُ أَنْ تُحِبَّ وَلَكِنَّ الْعَبْرَةَ أَنْ تُحَبُّ .

اعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى :

تَقْوَى اللهِ تَعَالَى وَذلِكَ بِالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَالْبُعْدِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ .

قَالَ تَعَالَى :

﴿ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾

[ سورة آل عمران : ٧٦]

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنَا إِلَى حُبِّكَ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ .

زر الذهاب إلى الأعلى