▪️مصر فى الْقرْآنِ وَالسُّنَّة
▪️بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
▪️مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ يُوسُفَ : ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾ وقَالَ تَعَالَى : ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ سورة يوسف، وَالْمَدِينَةُ هى مَنْفُ، وَالْعَزِيزُ هو رَئِيسُ وُزَرَاءِ مِصْرَ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ سورة القصص، وَهِي مَنْفٌ مَدِينَةُ فِرْعَوْنَ، وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ سورة القصص، هِيَ مَنْفٌ أَيْضًا .
وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ وَافْتِخَارِهِ بِمِصْرَ : “أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي” سورة الزخرف، وَقَالَ تَعَالَى حِينَ وَصَفَ مِصْرَ وَمَا كَانَ فِيهِ آلُ فِرْعَوْنَ مِنَ النِّعْمَةِ، وَالْمُلْكِ بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ مَشْرِقًا وَلَا مَغْرِبًا ، وَلَا سَهْلًا وَلَا جَبَلًا ، وَلَا بَرًّا وَلَا بَحْرًا : ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ *وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِين﴾ سورة الدخان،
وَالْمَقَامُ الْكَرِيمُ مِصْرُ ، فَقَدْ كَرَّمَهَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَوَصَفَهَا بِالْكَرَمِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ.
فَهَلْ يُعْلَمُ أَنَّ بَلَدًا مِنَ الْبُلْدَانِ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ أَثْنَى عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِمِثْلِ هَذَا الثَّنَاءِ ، أَوْ وَصَفَهُ بِمِثْلِ هَذَا الوَصْفِ ، أَوْ شَهِدَ لَهُ بِالْكَرَمِ غَيْرَ مِصْرَ ؟
فَضْلُ مِصْرَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ:
عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : “سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِقِبْطِهَا خَيْرًا ، فَإِنَّ لَكُم مِنْهُمْ صِهْرًا وَذِمَّةً”، وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : “سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةً وَرَحِمًا” الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يَرْفَعُهُ :
“إِذَا فُتِحَتْ مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِالقِبْطِ خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا”، فَأَمَّا الرَّحِمُ : فَإِنَّ هَاجَرَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنَ الْقِبْطِ مِنْ قَرْيةٍ نَحْوَ الْفَرَمَا يُقَالَ لَهَا أَيْ : لِهَاجَرَ أُمُّ الْعَرَبِ.
وَأَمَّا الذِّمَّةُ : فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَسَرَّى مِنَ الْقِبْطِ مَارِيَةَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، وَهِيَ مِنْ قَرْيَةٍ نَحْوَ الصَّعِيدِ.
وَأَمَّا مَنْ كَانَ بِهَا فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَحْبَارِ وَالزُّهَّادِ وَمَنْ دَخَلَهَا مِنَ الْمُلُوكِ وَالْخُلَفَاءِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالشِّعْرِ وَالنَّحْوِ وَالْخَطَابَةِ، وَكُلُّ مَنْ بَرَعَ عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِ، أَوْ نَجَمَ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ فَيَتَّسِعُ عَلَى الْحَاصِرِ حَصْرُهُ.
ذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالرِّوَايَةِ أَنَّهُ دَخَلَ مِصْرَ فِي فَتْحِهَا مِمَّنْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ ﷺ مِئَةُ رَجُلٍ وَنَيِّفٌ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ : وَقَفَ عَلَى إِقَامَةِ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ ثَمَانُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَأَبُو ذَرٍّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ شُرَحْبِيلَ بْنُ حَسَنَةَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمْرُو ابْنُ عَلْقَمَةَ.
وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَخَارِجَةُ بْنُ حُذَافَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ، وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، وَقَفُوا عَلَى قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَسْجِدِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ بِأَفْرِيقِيَّةَ .
حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء.