الشائعات وخطرها على الفرد والمجتمع
بقلم- د. محمد عبد الظاهر محمد
أستاذ الحديث وعلومه- نائب رئيس فرع المنظمة العالمية لخريجى الأزهر بالمنيا
إن الشائعات من أخطر الحروب النفسية فى هذه العصر، بل من أشد الأسلحة تدميرًا، وأعظمها خطرًا وتأثيرًا على الفرد والمجتمع.
ولقد اتخد الإسلام موقفًا حاسمًا قويًا من الشائعات ومروجيها؛ لما يترتب عنها من آثار سلبية تزلزل كيان المجتمع وتؤثر على تماسكه وتلاحم أبنائه وسلامة لحمته.
من أجل ذلك توعد القرآن الكريم هؤلاء بالعذاب الأليم.. قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (سورة النور: الآية 19).
وقد استحقوا هذا الوعيد لما ترتب على فعلهم الشنيع من مخاطر..
فكم من أسر تفكَّكتْ جرَّاء هذه الإشاعات، وكم مِن بيوت هُدِّمت، وكم من أموال ضُيِّعت، وأطفال شُرِّدوا؛ كل ذلك بسبب شائعة من مُنافقٍ أو كذَّاب.
والشائعة تنتشر بين الناس بسرعة مذهلة ويتناقلونها دون تفكير أو روية.. ويكون خطرها كبيرًا وآثارها مدمرة لذلك وقف الإسلام منها موقفًا قويًا وحاسمًا؛ فحذر منها وبيَّن آثارها وأمر بحفظ اللسان ونهى المسلم عن الكذب وقول الزور وحذر من الغيبة والنميمة والقيل والقال وأمر بالتثبت من الأقوال والأخبار وعدم التسرُّع،
بل شرع الحدود التي تحفظ للإنسان دمه وماله وعرضه ورتب على ذلك كله بما أعده لعباده في الدار الآخرة من أجر وثواب أو من حساب وعقاب.
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» (سورة الحجرات: الآية 6).
و قال تعالى: «وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً» (الإسراء: الآية 36)
لا شك أن استشعار أمانة الكلمة، وأن المرء مسئول عنها امام الله ثم امام الناس من أهم دوافع التثبت والتحرز قبل نقل أي حديث أو معلومة،
فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع…» الحديث.
فالشائعات سلاح المرجفين وبضاعة المفلسين وسلوك المنافقين.
نسال الله الكريم رب العرش العظيم أن يحفظ بلادنا جيشًا وشعبًا وقيادةً من كل سوء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
