قيمة النظافة فى حياة الإنسان (2-3)

 
بقلم: عبدالكمال بن سيد كمال- باكستان- ماجستير الشريعة الإسلامية.

قال الله تعالى: «لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرينَ» (التوبة: 108).

وقال تعالى: «وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِى لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» (البقرة: 125).

وقال تعالى: «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» (البقرة: 222).

إن الإسلام دعا إلى النَّظافة الشخصيَّة من خلال سُنَّن الفطرة، التى اعتنت بظاهر الإنسان وصورته أمام نفسه والآخرين، وفى إيضاح هذه السُّنَّن نذكر قول النبى، صلى الله عليه وسلم، عن عائشة- رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء».

وحتى إماطة الأذى عن الطريق صَدَقَة بسبب النظافة وبإزالة ما قد يسبب الضرر للآخرين، فعن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : «الإيمان بضع وسبعون- أو بضع وستون- شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».

النظافة من الأمور المهمة التى تحدث عنها ديننا الحنيف، وجعل الطهارة والنظافة من أهم الأساسيات فى حياة المسلم؛ فلا تصح الصلاة إلا بالطهارة ونظافة الجسد، كما لا يصح الصيام إلا بالطهارة، وعدا عن ذلك فالنظافة هى عنوان للشعوب وطريقها نحو الحضارة، وهى مقياس لتقدم الأمم ورقيها، والنظافة تبدأ من البيت بتعليم الطفل كيف يكون نظيفًا وتنتهى بالمدرسة حين تعلم الطالب كيفية الحفاظ على نظافة كتبه ومقتنياته الشخصية، وكيفيّة الحفاظ على صفه، ومدرسته، وبيئته المحيطة.

ومن مظاهر النّظافة الشخصية، النّظافة المنزليّة، والنظافة العامة للحدائق والشوارع والمرافق العامة فى الدَّولة، والنّظافة فى بيئة العمل للمُعدات والأدوات والمكاتب والغُرف، وكل ما يتعلق ببيئة العمل، ونظافة المياه والشطآن والسّواحل وكل ما يتعلق بمصادر الماء.

أسباب عدم الاهتمام بالنظافة

هناك عدة أسباب لعدم الاهتمام بالنظافة، منها: قلة الوعى بأهمية النظافة وأثرها فى صحة وسلامة الفرد والمجتمع، وتقصير الجهات الطبية ومؤسسات الدولة فى نشر أساليب وطرق النظافة الشخصيّة والعامة، والكسل وعدم الرّغبة فى النظافة والتحجج بالانشغال الدائم، والفقر والعَوز والمرض، وعدم توفّر الماء والكهرباء وأدوات النظافة، وحالات الاكتئاب والمرض النفسى والانهيار العصبي، وانعدام وجود المُحفِّز والقدوة التى تدفع الإنسان إلى نظافته ونظافة ما حوله.

كيفية الحفاظ على نظافة الجسم

يتم الحفاظ على نظافة الجسم بالاستحمام مرتين فى الأسبوع على الأقل، ومن كان عمله يتطلب الجهد الشّاق أو العمل فى الشمس أو المختبرات يجب عليه الاستحمام يوميًّا، والتخلص من شعر الإبط والعانة بشكلٍ منتظمٍ، وتقليم الأظافر، وارتداء الملابس المناسبة والفضفاضة، وتجنّب الارتداء الدائم للملابس الضيقة والتى تُسبب العرق والرائحة، واستخدام العطور والبخور للجسم، وكذلك مزيلات العرق، وتجنب ارتداء الملابس التى لُبست فى اليوم السابق.

النظافة سلوك حضارى

النظافة قيمة سلوكية مهمة جدًا، والمحافظة طريق للوصول إلى السعادة، فما أجملها! وما أعظمها! فهى دليل حضارة؛ لأنّ لها امتدادًا يبدأ من البيت وبعدها المدرسة، ومن ثم الوطن والبيئة والعالم أجمع، فهى عنوان العطاء وسر الحياة الكريمة، وهنا تكمن أهميتها.

النظافة واجبٌ شخصى ووطنى

ضربت الشريعة الإسلامية أروع الأمثلة فى الاهتمام بالنظافة، وقد كان استخدام السواك سُنَّة من السُّنَّن التى كان يتّبعها الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال: «تنظفوا بكل ما استطعتم فإن الله تعالى بنى الإسلام على النظافة ولن يدخل الجنة إلا كل نظيف»، وعليه تُعدّ النظافة من الواجبات الشخصية والوطنية؛ فعلى الصعيد الشخصى يتوجب على الإنسان أن يُحافظ على نظافة بيته ومكان عمله ومدرسته، كما يتوجب عليه أن يُحافظ على الحى الذى يقطن فيه بالتعاون مع جيرانه؛ فلا ينبغى الاعتماد على عمال النظافة فقط وانتظارهم إلى أن يُنظفوا المكان، وإنّما يجب المساهمة فى إبقاء المكان نظيفًا قدر الإمكان عن طريق إماطة الأذى عن الطريق واتباع أساليب النظافة كافة، وعلى الصعيد الوطنى يتوجب على الإنسان إبقاء الأماكن نظيفة قدر الإمكان، خاصة الأماكن العامة.

لو افترضنا أن شخصًا ما ذهب فى رحلة إلى إحدى المناطق، فإنّه ينبغى عليه تنظيف المكان جيدًا ووضع سلة لجمع القمامة فيها، أو جمعها فى أكياس بعد الانتهاء مِن تناول الطعام والشراب والمأكولات اللذيذة كى يبقى المكان نظيًفا عندما يزوره الآخرون، فالوطن أغلى ما نملك وينبغى أن تظل صورته جميلةً فى عيون الآخرين.

إنّ عدم النظافة يُعرِّض البشر للبكتيريا والميكروبات والجراثيم التى قد تتسبب لهم بالعديد من الأمراض، كما تُؤدى إلى إصابتهم بحالات خطيرة، مثل: التسمم الغذائى أو الوفاة أحيانًا، ويكمن الاهتمام بالنظافة الشخصية عن طريق تقليم الأظافر والاستحمام المتكرر كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتنظيف المكان وغسل الفواكه والخضراوات قبل تناولها، وغير ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى