د.عائشة محمد تكتب.. النهي عن الكلام بغير علم
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء:36]، معنى القفو: التتبع. والآية نهي للإنسان عن قول ما لم يعلم.
فمعنى : ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) : لا تقل ما ليس لك به علم، فلا تقل رأيت ولم تر، ولا سمعت ولم تسمع، ولا علمت ولم تعلم.
ويدخل في معنى الآية: النهي عن شهادة الزور، والنهي عن القول في الناس بغير علم والنهي عن الكلام في الدين والفقه بغير علم.
هذا، وفي الواقع ما أكثر من يقول: سمعت فلاناً يقول كذا، ورأيت فلاناً يفعل كذا، وهو لم يسمع ولم ير. يقول ذلك غافلا عما يترتب عليه من أضرار ومشكلات. وما أكثر المشكلات الواقعة في حياة الناس؛ الناتجة عن الكلام بغير علم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ تحذير من خطر الكلام بغير علم، تحذير من أن يقول الإنسان قولا لا علم له به، أو أن يحكم حكما بلا بينة أو دليل.
وفي معنى ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ ذكر العلماء أن المعنى: يُسأل المرء عن سمعه وبصره وفؤاده، وقيل : يُسأل السمع والبصر والفؤاد عما فعله المرء، وتشهد عليه جوارحه، كما قال تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة فصلت: الآية: ٢٨]
وبهذا النهي عن القول بغير علم في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) تدعو الآية الكريمة إلى التخلق بهذا الأدب الذي يُجنب مجتمعنا وبيوتنا وحياتنا الوقوع في كثير من الأضرار والمهالك المستندة إلى الظن والوهم.
وبهذا التحذير في قوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَتِبِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ تنبيه للإنسان إلى إعمال العقل فيما يقول، فلا يقول إلا عن علم ومعرفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رئيس قسم التفسير بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة