خطيب الجامع الأزهر: المال ليس ثروة مادية بل هو أمانة من الله للعبد عليه أن يؤديها بحقها
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر أ.د. حسن الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، والتي دار موضوعها حول المال بين الاكتساب والإنفاق
قال فضيلة الدكتور حسن الصغير، ونحن نحتفل بذكرى الهجرة النبوية، فلنعلم أن الهجرة ليست مجرد انتقال مكاني فقط، بل هي تحول روحي من حال إلى حال، فبعد هجرة النبي ﷺ علينا أن نجعل من حياتنا هجرة إلى الخير نترك فيها ظلمات الباطل والمعاصي إلى نور الحق والطاعة، وأن نهاجر من الرذائل إلى الفضائل، لكي نحقق الاحتفال والتمسك الحقيقي بمعاني هجرة النبي ﷺ.
وأكد فضيلته، أن المال نعمة عظيمة من الله، جعله الله في يد العبد كوسيلة لبناء مجتمعه وتحقيق نهضته ورقيه، لكنه قد يكون فتنة إذا لم يستخدم بحكمة، لذلك حثنا ديننا الحنيف على تحري الرزق الحلال، والتحقق من مصارفه المشروعة، وهو ما يجعلنا نستخدمه كوسيلة للخير في الدنيا، دون إسراف، مع إنفاقه في بناء مجتمعاتنا وإصلاحها، لذلك نجد أن الأمة الإسلامية بلغت شأوا من الحضارة عندما اشتغل المسلمون ببناء المجتمعات وتحقيق مظلة اجتماعية تضمن التيسير على الجميع، مشيرا إلى أن تحقيق التوازن بين حب الدنيا والفوز بالآخرة هو مفتاح السعادة والنجاح في الدارين.
وأوضح الدكتور حسن الصغير، أن نظام الإسلام في التعامل مع المال هو نظام متكامل يرتكز على مبادئ العدل والإنصاف والمساواة، فمن خلال هذا النظام، يتم توزيع كافة الحقوق بشكل عادل، وتكفل حقوق الجميع، ويحفز على العمل والإنتاج، وبالتالي يستمر الإسلام في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، ويمنع انتشار الفقر والظلم، لهذا استطاعت الأمة الإسلامية أن تحقق نهضة غير مسبوقة في استقرارها المجتمعي وأمانها الاقتصادي.
وبين المشرف العام على لجان الفتوى، أن المال في القرآن الكريم ليس مجرد ثروة مادية، بل هو أمانة من الله سبحانه وتعالى إلى العبد لهذا وصفه الله بأنه “مال الله” الذي يملكه في أيدي الناس، لذا فإن على الأغنياء والمقتدرين أن يقوموا بحفظه وإدارته بطريقة ترضي الله، وأن ينفقوا منه في سبيل الخير والعبادة، لأنهم مؤتمنون عليه من قبل الخالق جل وعلا الذي اختارهم لهذه الأمانة، وليعلموا أنهم محاسبون حسابا شديدا إذا ما أساءوا استخدام هذا المال، كما أنهم لهم الأجر العظيم إذا ما أدوا حق الله فيه وأحسنوا استخدامه فيما يرضي الله وينفع الناس.
وفي ختام الخطبة حذر فضيلته من التلهف وراء المال وجمعه بطرق غير مشروعة، لأن هذا هو الذي يفسد المجتمعات ويبعد الفرد عن السكينة والطمأنينة التي لا تحقق إلا بالرزق الحلال مع الرضا بما قسمه الله والشكر على ما أنعم به على العبد.
