قراءة في دعوات كاتب كندي لإعادة النظر في قوانين الهجرة الكندية بسبب مزاعم التطرف الديني
الكاتب اتخذ مواقف فردية لبناء تعميمات ومطالبات متناسيًا صعوبة وصم قرابة المليوني مسلم في كندا بالإرهاب بسبب الانتماء الديني الجريحة، معللاً ذلك بالتخوف من أن تتحول كندا إلى تصدير الإرهاب إلى العالم.
بيد أن التعاطف مع الحق في غزة تجاوز الدين والعرق والجغرافيا بكل تأكيد.
وكان الأولى والأحق أن يتجه الكاتب إلى مراجعة موقف السياسيين والمفكرين في بلده على اختلاف انتماءاتهم من القضية الفلسطينية ولو من منظور حقوق الإنسان الذي هو متخصص فيه، فضلاً عن حض بلاده على اتباع سياسات حازمة تجاه العدوان الصهيوني الغاشم، وعلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًا. لكنها مرآة التطرف التي تعمي وتصم، وجعلت صحيفة تنتمي لأشد التجمعات البشرية عدوانًا في التاريخ تتلقف الأعوان والدعوات الموافقة لأغراضها التشويهية المريضة ولو كانت في أقاصي العالم. نقلت صحيفة ذا جيروزاليم بوست العبرية عن الكاتب الكندي كولين ماي، رئيس مفوضية حقوق الإنسان في ألبرتا بكندا، دعواتٍ له عن إخضاع نظام الهجرة الكندي لمراجعة موسعة بعد سلسلة من الاعتقالات التي طالت أشخاصًا يُشتبه في تخطيطهم لهجمات إرهابية.
وقد وقع أول تلك الاعتقالات في يوليو 2024 عندما اتُهم أب وابنه -هما أحمد فؤاد مصطفى الديدي ومصطفى الديدي- بالتخطيط لارتكاب عدد من الجرائم الإرها/بية إثر توقيفهما بالقرب من العاصمة تورنتو.
الجدير بالذكر أن الاثنين من المهاجرين إلى كندا، وقد حصل الأب على الجنسية الكندية، وهو ما استدعى إعادة النظر في عمليات الاستقصاء الأمني.
أعقب تلك الحادثة اعتقال شخص آخر يُدعى محمد شاذب خان مطلع سبتمبر 2024 إثر الاشتباه في تخطيطه لعملية إطلاق نار جماعي داخل مركز يهودي في مدينة نيويورك، علمًا بأنه يحمل الجنسية الكندية، وكان يدرس في كندا واعتُقل في أثناء استعداده للسفر إلى نيويورك من مدينة كيبيك الكندية.
ورغم حدوث الواقعتين بشرق كندا والتعرض لهما إعلاميًا بكثافة، فالكاتب يدعو إلى النظر إلى غرب كندا، وبخاصة مقاطعة ألبرتا، حيث توجد شواهد كثيرة على ما أسماه “إرهابًا كنديًا محليّ النشأة”! واستدل على ذلك بواقعة السيد زكريا ريدا حسين، المواطن الكندي القاطن في كالجاري ألبرتا، الذي حُكم عليه بالسجن ست سنوات في اتهامات تتعلق بالإرهاب، ومن بينها مخطط تفـ جير ما يسمى “مسيرة الفخر” (لذوي الشذوذ الجنسي) في كالجاري عام 2023.
إذ يرى الكاتب أن الأكثر خطورة من كل ذلك على سمعة كندا الدولية هو محاولة اثنين من سكان ألبرتا تصدير ما أسماه “الإر/هاب الإسلامي” إلى المملكة المتحدة وإسر/ائيل،مفسِّرًا تلك الحوادث بوجود مشكلة متنامية تتعلق باستيراد الإرهـ/ابيين إلى كندا واستقطاب المواطنيين الكنديين المسلمين إلى الفكر المتطرف مع تزايد المخاوف من أن تكون كندا مصدرة للإرهاب إلى حلفائها في الولايات المتحدة وأوروبا.
وهذا الواقع يثير لدى الكاتب سؤالاً بالغ الأهمية، ألا وهو: ماذا تفعل حكومات كندا، على المستويين الوطني والإقليمي، من أجل مكافحة استيراد وتنامي الإرهاب محليًا؟فبالنسبة لمقاطعة ألبرتا، لا يلقى الحديث عن تطرف المواطنين الكنديين سوى القدر الضئيل من النقاش، يأتي ذلك الصمت في الوقت الذي طالبت فيه ممثلة الحكومة الفيدرالية الكندية لمكافحة الإسلاموفوبيا “أميرة الغوابي” الجامعات في كندا بالتوصية بتعيين مزيد من الأساتذة المسلمين والعرب والفلسطينيين.
أما مقاطعة كيبيك، التي ليست أميرة على وفاق معها، فطالبت ممثلة الحكومة الفيدرالية بالاستقالة بسبب تدخلها في تشريعات المقاطعة وموقفها من فكرة تعيين أعضاء هيئة التدريس على أسس علمانية – لا على أساس الانتماء الديني. يتجلى من العرض السابق أن الكاتب اتخذ مواقف فردية وقام ببناء موقفًا وتعميمًا ومطالبات عليها، متناسيًا أن قرابة المليوني مسلم في كندا لا يمكن وصمهم بالإرهاب بسبب الانتماء الديني حتى ولو ثبتت التهم رسميًا على بعض أفراد الجالية الذين لا تتجاوز أعدادهم أصابع اليد الواحدة أو اليدين على أقصى تقدير.
كما غاب عن المفوض السابق لحقوق الإنسان أن يثبت وقائع المساس بالجالية المسلمة قولاً وفعلاً، سواء بالاعتداء على المؤسسات -كالمساجد- أو على الأفراد حتى وصل بعضها إلى القتل. كما اتجه الكاتب إلى لوم المسلمين في كندا على التعاطف الإنساني قبل الديني مع بعض النقاط الملتهبة في العالم، وعلى رأسها غزة الجريحة، معللاً ذلك بالتخوف من أن تتحول كندا إلى تصدير الإرهاب إلى العالم. بيد أن التعاطف مع الحق في غزة تجاوز الدين والعرق والجغرافيا بكل تأكيد.
وكان الأولى والأحق أن يتجه الكاتب إلى مراجعة موقف السياسيين والمفكرين في بلده على اختلاف انتماءاتهم من القضية الفلسطينية ولو من منظور حقوق الإنسان الذي هو متخصص فيه، فضلاً عن حض بلاده على اتباع سياسات حازمة تجاه العدوان الصهيوني الغاشم، وعلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًا.
لكنها مرآة التطرف التي تعمي وتصم، وجعلت صحيفة تنتمي لأشد التجمعات البشرية عدوانًا في التاريخ تتلقف الأعوان والدعوات الموافقة لأغراضها التشويهية المريضة ولو كانت في أقاصي العالم.