في ذكرى وفاته.. البحوث الإسلامية: الشَّيخُ عبد المجيد اللبان أوَّلُ مَنْ تولَّى مشيخةَ كلِّيَّةِ أُصولِ الدِّينِ
قال مجمع البحوث الإسلامية، عبر صفحته الرسمية على منصة فيس بوك، إنه في مثلِ هذا اليومِ -الثَّاني والعشرِينَ منْ نوفمبر عامَ 1942م، المُوافِقِ الرَّابعَ عَشَرَ منَ ذي القَعْدَةِ سنةَ 1361هـ- تُوُفِّيَ العلَّامةُ الشَّيخُ عبد المجيد بن إبراهيم اللبان، أوَّلُ مَنْ تولَّى مشيخةَ كلِّيَّةِ أُصولِ الدِّينِ.
وبحسب المجمع، وُلِدَ فضيلتُه في شهرِ شوَّالٍ منْ سنةِ 1288هـ، المُوافِقِ شهرَ ديسمبر عامَ 1871م، في سنديون، التَّابعةِ لمَركزِ فوه، بمُديريَّةِ الغَربيَّةِ.
ينتهي نسبُه إلى الشَّيخِ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الدمشقي المصري الشافعي (ت 749هـ/ 1349م)، الَّذي ينتهي نسبُه إلى الإمامِ الحسنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وأصولُ هذه الأسرةِ كانَتْ تُقيمُ في جرجا بصعيدِ مصرَ قبلَ أنْ تنتقلَ إلى الغربيَّةِ بحُكمِ العملِ في التِّجارةِ.
حفظَ فضيلتُه القرآنَ الكريمَ في بلدتِه، ثمَّ التحقَ بالأزهرِ الشَّريفِ عامَ 1305هـ/ 1887م، وهناك أَخَذَ العُلومَ العربيَّةَ والشَّرعيَّةَ والعقليَّةَ على يدِ كبارِ علمائِه، ومنْهم: الشَّيخُ سليم البشري، والشَّيخُ محمد عبده، والشَّيخُ أحمد الرِّفاعي الفيومي، والشَّيخُ محمد البحيري الدَّيروطي، والشَّيخُ أحمد شرف الدِّين المرصفي، حتَّى حصلَ على درجةِ العالِمِيَّةِ سنةَ 1318هـ/ 1900م.
تولَّى التَّدريسَ في الجامعِ الأزهرِ، ثمَّ عُيِّنَ مُدرِّسًا بمشيخةِ عُلماءِ الإسكندريَّةِ، ثمَّ عُضوًا بمجلسِ إدارتِها، وكانَتْ له في الإسكندريَّةِ مناظراتٌ فكريَّةٌ معَ بعضِ الكُتَّابِ، وخاصَّةً الشَّيخَ علي يوسف، وحفني بك ناصف، وُصِفَتْ بأنَّها دُروسٌ عاليةٌ في أدبِ المُناظرةِ وقوَّةِ الإقناعِ، ثمَّ بعدَ ذلك توالَتْ مقالاتُه الماتِعةُ في الصُّحفِ اليوميَّةِ.
اختِيرَ مُفتِّشًا عامًّا للأزهرِ والمعاهدِ الدِّينيَّةِ عامَ 1923م، كما أُسنِدَ إليه التَّدريسُ بقسمِ التَّخصُّصِ الذي أُنشِئَ حديثًا بالجامعِ الأزهرِ، كما عُيِّنَ عُضوًا بمجلسِ الأزهرِ الأعلَى، وكانَ عضوًا في كثيرٍ مِنَ اللِّجانِ الَّتي أُلِّفَتْ لإصلاحِ الأزهرِ، وتعديلِ مناهجِ التَّدريسِ فيه.
نالَ فضيلتُه عُضويَّةَ هيئةِ كبارِ العُلماءِ بالأزهرِ الشَّريفِ بالأمرِ الملكيِّ رَقْمِ (54) لسنةِ (1930م) الصَّادرِ بتوقيعِ الملكِ فؤاد الأوَّلِ مَلِكِ مِصرَ، بسراي المُنتَزه في الثَّامنِ منْ ربيعٍ الأوَّلِ 1349هـ، المُوافِقِ الثَّالثَ منْ أغسطس 1930م.
حينَما أُنشِئَتِ الجامعةُ الأزهريَّةُ اختِير الشَّيخُ عبد المجيد اللبان شيخًا لكلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ، بالأمرِ الملكيِّ رَقْمِ (46) لسنةِ 1931م.
كما أسَّسَ فضيلتُه في مدينةِ الإسكندريَّةِ سنةَ جمعيَّةَ «إرشاد الخلق إلى الحق»، الَّتي ضمَّتْ كثيرًا مِنَ العلماءِ والأعيانِ؛ لمواساةِ الفقراءِ، وإصلاحِ ذاتِ البَيْنِ، وإبطالِ شُبَهِ المُلحدِينَ، وتأسيسِ المدارسِ لتعليمِ مبادئِ الدِّينِ والأخلاقِ.
كانَ فضيلتُه عضوًا بمجلسِ النُّوَّابِ عنْ دائرةِ أبي مندورٍ، الَّتي فازَ فيها بأغلبيَّةٍ ساحقةٍ، وكانَ العُضوَ الوحيدَ النَّائبَ عنِ الأزهرِ في مجلسِ النُّوَّابِ.
تتلمَذَ على يدِ الشَّيخِ اللَّبَّانِ كثيرٌ منْ كبارِ العلماءِ، ومنْهم: الشَّيخُ محمد الفحام، والشَّيخُ عبد المجيد سليم، والشَّيخُ إبراهيم مجاهد، والشَّيخُ محمد عبد اللطيف دراز، والشَّيخُ أحمد شريت، والشَّيخُ محمود شلتوت، والشَّيخُ محمد الجهني، والشَّيخُ الحسيني سلطان، والشَّيخُ عبد الآخر أبو زيد، والشَّيخُ أمين الشيخ، والشَّيخُ عبد العزيز خطاب، والشَّيخُ إمام حسين، والشَّيخُ محمد الأودن، والشَّيخُ حامد محيسن، والشَّيخُ عبد السلام العسكري، وغيرُهم كثيرُونَ.
ألَّفَ الشَّيخُ اللَّبَّانُ كُتُبًا دراسيَّةً، طُبِعَ منْها «السِّيرةُ النبويَّةُ»، «دُروسُ الأخلاقِ الدِّينيَّةِ، «دُروسُ الأخلاقِ».
وبعدَ رحلةٍ عُمريَّةٍ جاوَزَتِ السَّبعِينَ عامًا قضاها الشَّيخُ اللَّبَّانُ في أروقةِ الأزهرِ الشَّريفِ ومعاهدِه، حاملًا لواءَ العِلْمِ، مُؤدِّيًا أمانتَه، وافَتْه المَنِيَّةُ في الرَّابعَ عَشَرَ منْ ذي القَعْدَةِ 1361هـ، المُوافِقِ الثَّانيَ والعشرِينَ منْ نوفمبر 1942م.
رَحِمَه اللهُ رحمةً واسعةً، وأنزلَه منازلَ الأبرارِ