ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يناقش “سفراء الإسلام والهجرة المباركة” غداً
برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، عضو مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، يعقد الجامع الأزهر غداً ملتقى السيرة النبوية الثالث عشر، والذي يناقش على مائدته “سفراء الإسلام والهجرة المباركة”.
ويستضيف الملتقى كلاً من: أ.د نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشئون الدراسات العليا بالقاهرة، وأ.د أسامة مهدي، أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية أصول الدين بالقاهرة، ويُدير الحوار الشيخ وائل رجب، الباحث بإدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر الشريف.
وأوضح د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن التاريخ لَيشهدُ أنه ما رأى رجالَ صدقٍ وأتْباع حقٍّ كما كان أصحاب محمدٍ ﷺ ورضي الله عنهم. إنهم الرجال الذين ما صمد أمامهم جيش، ولا صعُبت عليهم مدينة، إنهم الرجال الذين فتحوا القلوب قبل البلدان، وشيدوا بالقرآن وتعاليمه نظامًا جديدًا، وعالمًا فريدًا، لم تشهد الدنيا كلُّها مِثلَه، مبيناً ضرورة الغوص في أعماق حياة أولئك الرجال لكى نستخرج كنوزهم، ونستشرف عظمتهم، ونستنشق عبيرهم، ونَسْتلهِم أثرهم، ونمتثَّل سيرهم، ونقتدي بهم.
لافتاً إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار مساعي الأزهر الشريف في تعميق الفهم بصحيح الدين، مما يساهم في تعزيز الوعي العام حول سيرة النبي ﷺ، داعيًا الجميع للحضور والمشاركة في هذا الحدث المميز، الذي يعكس دور الأزهر الشريف الذي يقوم به فى هذا الصدد.
و من جانبه أضاف د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، بقوله: لَقَدْ مَكَثَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي مَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يَدْعُو قَوْمَهُ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَتَرْكِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَأَبَاءَهُمْ، مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ قِلَّةٌ قَلِيْلَةٌ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَلَقَوْ فِي ذَاتِ اللهِ مِنَ الأَذَى وَالعَنَتَ مَا اللهُ بِهِ عَلِيْمٌ، فَنَدَبَهُمْ لِلهِجْرَةِ إِلَى الحَبَشَةِ، لِيَأْمَنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَعَلَى دِيْنِهِمْ مِنَ الفِتَنِ، وَبَقِيَ هُوَ وَنَفَرٌ مَعَهُ، صَابِرًا عَلَى أَذَى قُرَيْشٍ، حَتَّى بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى بِمَوْتِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي كَانَ يَحْمِيْهِ، وَزَوْجُهُ خَدِيْجَةُ – رَضِيَ اللهُ عَنْهَا – الَّتي كَانَت تُسَلِّيْهِ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ العَرَبِ فِي مَوْسِمِ الحَجِّ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صُدُورَ طَائِفَةٍ مِنَ الأَوْسِ والخَزْرَجِ، فَآمَنُوا بِهِ، وَبَايَعُوهُ بَيْعَتَيْ العَقَبَةِ الأُوْلَى وَالثَّانِيَةِ، عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ أسرهم وَنِسَاءَهُمْ، إِنْ هُوَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ، وَدَعُوهُ لِلهِجْرَةِ إِلَيْهِمْ وَوَعَدُوهُ بِالنُّصْرَةِ وَالطَّاعَةِ وَوَعَدَهُمْ بِالجَنَّةِ
مشيراً إلى أن اخْتِيَارُ المَدِيْنَةِ مهجَرًا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ كان بِوَحِيٍ إِلَهِيٍّ. فلم تكن الهجرة النبويَّة هروبًا من معركة أو فرارًا من مواجهة؛ بل كانت تجسيدًا للجهاد وترسيخًا لقواعد الإيمان. ما كانت الهجرة طلبًا للرَّاحة والاستجمام، ولا حرصًا على الحياة؛ بل كانت استجابةً لأمرٍ ربَّانيٍّ لاستئناف الحياة الإسلاميَّة. لم تكن بحثًا عن الخيام والأكل والشُّرب وتوزيع المؤن الغذائية؛ بل كانت ارتفاعًا وتنزُّهًا عن العروض الدُّنيوية. ما كانت الهجرة النبويَّة طمعًا في الاستيلاء على أرضٍ، أو قهرًا لشعبٍ ولا استغلالاً لثرواته، وإنما هدفها السَّامي: إعلاءُ كلمة الله سبحانه وتعالى وتطبيق حكم الله في الأرض، وتحقيق العدالة بين النَّاس، وإيصال الحقوق للمظلومين وكفُّ أيدي الظالمين.
ويأتي هذا الملتقى امتدادا لسلسلة من الفعاليات التي تعزز من الحوار البنّاء والمثمر في مجتمعاتنا، ومن المقرر أن يعقد يوم الأربعاء من كل أسبوع بعد صلاة المغرب بالظلة العثمانية بالجامع الأزهر.