في ذكرى وفاته.. كبار العلماء: الأستاذِ الدُّكتور محمد مختار المهدي أثرَى المكتبةَ العربيَّةَ والإسلاميَّةَ بكثيرٍ مِنَ المُؤلَّفاتِ اللُّغويَّةِ القيِّمةِ

في مِثْلِ هذا اليومِ -الرَّابعَ عَشَرَ منْ فبرايرَ عامَ 2016م، المُوافِقِ الخامسَ منْ رجبٍ سنةَ 1442هـ- تُوفِّيَ الأستاذُ الدُّكتور محمد المختار محمد المهدي عبد الله حسنين.

ووفق هيئة كبار العلماء، وُلِدَ فضيلتُه في الثَّالثِ والعِشرِينَ منْ صفرٍ سنةَ 1358هـ، المُوافِقِ الثَّالثَ عَشَرَ منْ أبريلَ عامَ 1939م، بقريةِ تصفا، التَّابعةِ لمركزِ كفرِ شكرٍ، بمُحافَظةِ القليوبيَّةِ.

ونشأَ فضيلتُه نشأةً دينيَّةً؛ حيثُ حفظَ القرآنَ الكريمَ في سنٍّ مُبكِّرةٍ، والتحقَ بمعهدِ الزَّقازيقِ الدِّينيِّ، فحصلَ على شهادةِ الابتدائيَّةِ الأزهريَّةِ عامَ 1955م، وشهادةِ الثَّانويَّةِ الأزهريَّةِ مِنَ المعهدِ نفسِه عامَ 1960م، ليُسافِرَ بعدَها إلى القاهرةِ؛ للالتحاقِ بالجامعةِ الأزهريَّةِ، ويقعَ اختيارُه على كُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ، ويحصلُ منْها على شهادةِ العاليةِ (اللِّيسانس) عامَ 1965م بتقديرِ جيِّدٍ جدًّا معَ مرتبةِ الشَّرفِ.

وبدأَ الأستاذُ الدُّكتور محمد المختار المهدي حياتَه العِمليَّةَ قُبَيلَ انتهاءِ دراستِه في الكُلِّيَّةِ؛ حيثُ عملَ مُصحِّحًا لُغويًّا بصحيفةِ الأخبارِ عامَ 1963م، واستمرَّ فيها ثلاثَ سنواتٍ، وبعدَها يُسافرُ إلى ليبيا؛ حيثُ عملَ أمينًا عامًّا للمكتبِ الفنِّيِّ للنشرِ والصَّحافةِ بالجامعةِ الإسلاميَّةِ هناكَ، ثمَّ مُشرِفًا عامًّا على تحريرِ مجلَّةِ «الهدي الإسلامي» بليبيا، يعودُ لأرضِ الوطنِ عامَ 1970م؛ ليعملَ مُراجِعًا بصحيفةِ الأهرامِ، ثمَّ يُعيَّنُ مُستشارًا صحفيًّا لوزيرِ شئونِ الأزهرِ بالمكتبِ الفنِّيِّ للوزيرِ عامَ 1974م.

وكانَ فضيلتُه حريصًا على طلبِ العلمِ إلى جانبِ عملِه، ففي عامِ 1971م يحصلُ على شهادةِ التَّخصُّصِ (الماجستير) في اللُّغويَّاتِ بتقديرِ جيِّدٍ جدًّا، وكانَ عُنوانُ رسالتِه: «أساليبُ التَّوكيدِ في النَّحوِ العربيِّ»، ثمَّ يُواصلُ جهدَه حتَّى يحصلَ على شهادةِ العالِمِيَّةِ (الدُّكتوراه) عامَ 1976م، معَ مرتبةِ الشَّرفِ الأولى والتَّوصيةِ بطبعِ الرِّسالةِ على نفقةِ الجامعةِ وتبادلِها معَ الجامعاتِ الأخرى، وكانَ عُنوانُ الرِّسالةِ: «أسماءُ المعاني: صيغُها وعملُها وأنواعُها واستعمالاتُها في القرآنِ الكريمِ»، ليُصبحَ مُدرِّسًا بكُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ بأسيوط، وبعدَها ينتقلُ للتَّدريسِ في كُلِّيَّةِ الدِّراساتِ الإسلاميَّةِ والعربيَّةِ، كما عملَ فضيلتُه في المملكةِ العربيَّةِ السُّعوديَّةِ بجامعةِ أمِّ القُرى بمكَّةَ المُكرَّمةِ، وبكُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ بالجامعةِ الإسلاميَّةِ بالمدينةِ المُنوَّرةِ.

كما كانَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور محمد مختار المهدي عُضوًا في كثيرٍ مِنَ المُؤسَّساتِ والهيئاتِ العلميَّةِ؛ حيثُ كانَ فضيلتُه عُضوًا بنقابةِ الصَّحفيِّين منذُ عامَ 1972م، وعُضوًا بلجنةِ تقنينِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ بمجلسِ الشَّعبِ المِصريِّ عامَ 1978م، وعُضوًا بلجنةِ اختيارِ قرَّاءِ التِّلفزيونِ المِصريِّ عامَ 1984م، وعضوًا بهيئةِ كبارِ عُلماءِ الجمعيَّةِ الشَّرعيَّةِ، وأمينَ عامِّ مجلسِ الإدارةِ ورئيسَ لجنةِ الإشرافِ على معاهدِ إعدادِ الدُّعاةِ عامَ 1985م، وعُضوَ مَجْمَعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ عامَ 2007م، وعُضوًا مُؤسِّسًا للاتِّحادِ العالميِّ لعُلماءِ المُسلِمين عامَ 2004م، وعُضوَ لجنةِ الأمناءِ، وعُضوَ مجلسِ إدارةِ الجمعيَّةِ الإسلاميَّةِ العالميَّةِ للصِّحَّةِ النَّفسيَّةِ.

وترأَّسَ فضيلتُه عدَّةَ مُؤسَّساتٍ دعويَّةٍ؛ حيثُ كانَ رئيسَ تحريرِ مجلَّةِ التِّبيانِ عامَ 1994م، والرَّئيسَ العامَّ للجمعيَّاتِ الشَّرعيَّةِ في مِصرَ، ورئيسَ هيئةِ كبارِ عُلمائِها عامَ 2002م، ورئيسَ لجنةِ المُتابعةِ بمَجْمَعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ 2011م.

وحصلَ فضيلتُه على جائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميَّةِ لخدمةِ الاسلامِ عامَ 2009م.

وتقديرًا لمكانةِ فضيلةِ الأستاذِ الدُّكتور محمد مختار المهدي اختارَه الإمامُ الأكبرُ الأستاذُ الدُّكتور أحمد الطيب شيخُ الأزهرِ الشَّريفِ؛ ليكونَ واحدًا مِنَ الأعضاءِ المُؤسِّسين لهيئةِ كبارِ العُلماءِ بعدَ عودتِها مرَّةً أُخرَى، وذلك بناءً على قرارِ رئيسِ الجمهوريَّةِ رَقْمِ (24) الصَّادرِ في السَّابعِ والعشرين منْ شعبانَ سنةَ 1433هـ، المُوافِقِ السَّابعَ عَشَرَ منْ يوليو 2012م، وقدْ كانَ لفضيلتِه جهدٌ مشكورٌ في كلِّ البياناتِ الَّتي أصدرَتْها هيئةُ كبارِ العُلماءِ.

إلى ذلك، كانَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور محمد مختار المهدي مِنَ المُكثِرين مِنَ التَّأليفِ، وقدْ أثرَى المكتبةَ العربيَّةَ والإسلاميَّةَ بكثيرٍ مِنَ المُؤلَّفاتِ اللُّغويَّةِ القيِّمةِ، ومنْها: «النَّحوُ المُيسَّرُ» في أربعةِ أجزاءٍ، «الصَّرفُ المُيسَّرُ» في ثلاثةِ أجزاءٍ، «دراساتٌ عربيَّةٌ في تُراثِنا الأصيلِ»، «اسمُ المصدرِ بينَ أقوالِ النُّحاةِ واستعمالِ القرآنِ الكريمِ»، «تحقيقاتٌ وتنبيهاتٌ حولَ التَّعدِّي واللُّزومِ»، «حروفُ الجرِّ بينَ التَّناوُبِ والتَّأويلِ»، «تحويلُ صيغةِ الفعلِ الثُّلاثيِّ وأثرُه في المعنى والعملِ»، «دقائقُ التَّصريفِ: منهجُه ومُصطلَحاتُه، وكيفَ نفيدُ منْها»، «الأحرفُ والقراءاتُ القرآنيَّةُ في ضوءِ الدَّرسِ اللُّغويِّ»، «أمْ، واستعمالاتُها في اللُّغةِ العربيَّةِ»، «الوقفُ اللَّازمُ والممنوعُ بينَ النُّحاةِ والقرَّاءِ»، «أثرُ الدَّرسِ اللُّغويِّ في فَهْمِ النَّصِّ الشَّرعيِّ» «تقعيدُ النَّحوِ بينَ الشِّعرِ العربيِّ والنَّصِّ القُرآنيِّ».

ولفضيلتِه عدَّةُ مُؤلَّفاتٍ دعويَّةٍ، ومنْها: «فقهُ العباداتِ»، «سهمُ الغارِمين وأثرُه في حلِّ مُشكِلاتِ المُجتمعِ: نظراتٌ مُعاصِرةٌ»، «حقوقُ الإنسانِ في شريعةِ الإسلامِ»، «الأسرةُ في ميزانِ الإسلامِ»، «الحجُّ مناسكُ ومنافعُ»، «حقائقُ قرآنيَّةٌ وردودٌ على الشُّبُهاتِ»، «في مواكبةِ الأحداثِ»، «دروسٌ وعِبَرْ منْ سيرةِ خيرِ البشرْ»، «إجاباتٌ شافيهْ على أسئلةٍ حائرهْ»، «منهجُ الجمعيَّةِ الشَّرعيَّةِ بينَ التَّأصيلِ الشَّرعيِّ والتَّطبيقِ العمليِّ»، «الرُّؤيةُ الإسلاميَّةُ في مواجهةِ مرضِ الإيدز»، «جهودُ الإمامِ أبي حنيفةَ في الدَّعوةِ»، «القِصَّةُ والأمثالُ في القرآنِ زادٌ للدُّعاةِ»، «تيسيرُ معاني القرآنِ في أجزائِه الثَّلاثِين».

وشارَكَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور محمد المختار المهدي في كثيرٍ مِنَ المُحاضراتِ والنَّدواتِ والمُؤتمَراتِ العلميَّةِ خارجَ مِصرَ؛ فقدْ ألقَى فضيلتُه عدَّةَ مُحاضَراتٍ في نيويورك عامَ 2004م، وفي جمهوريَّةِ التِّشيكِ عامَ 2006م، كما شاركَ في مُؤتمَرٍ عِلميٍّ لرابطةِ خرِّيجي الأزهرِ عامَ 2008م في كوالالمبور بماليزيا، ومُؤتمَرٍ عِلميٍّ حولَ الإمامِ أبي حنيفةَ عامَ 2009م في دوشمبه بطاجكستان، ومُؤتمَرِ النَّدوةِ العالميَّةِ للشَّبابِ عامَ 2010م في جاكرتا بإندونيسيا، ومُؤتمَرِ الاتِّحادِ العالميِّ لعُلماءِ المُسلِمين عامَ 2010م في إستانبول بتركيا، ومُؤتمَرِ القدسِ عامَ 2010م في بيروت بلبنان.

وبعدَ حياةِ علمٍ وعملٍ وعبادةٍ ودعوةٍ وصلاحٍ وعطاءٍ انتقلَ الشَّيخُ الجليلُ محمد المختار المهدي إلى رحمةِ اللهِ تعالى في يومِ الأحدِ الخامسِ منْ جُمادَى الأولى سنةَ 1437هـ، المُوافِقِ الرَّابعَ عَشَرَ منْ فبرايرَ عامَ 2016م.

رَحِمَه اللهُ رحمةً واسعةً، وأنزلَه منازلَ الأبرارِ

زر الذهاب إلى الأعلى