نحن والمصريون ..!!

بقلم د.الناجي منصورالحربي ـ أديب وأكاديمي ليبي

عبد المصريون قديمًا الشمس .. ولا يزال أثر هذه العبادة ظاهرًا إلى اليوم .. فعندما يبلغ الأطفال سن تبديل الأسنان تؤخذ السن المخلوعة وترمى في وجه الشمس ويقول الصبي : يا شمس يا شموسة خذي سن الحمار وهاتي سن الغزال .. فيما تقول البنت : يا شمس يا شموسه خوذي سن الجاموسة وهاتي سن العروسة .. وأحسب أن المثل في جزئه الأول كثير الاستعمال عندنا وذلك لتأثير الحضارة الفرعونية في الجزء الشرقي من ليبيا هذا لا يعني أن المصريين مازالوا يعبدون الشمس ولكن تأثيرهذه العبادة مازال إلى يومنا هذا .. فالحضارة المصرية عريقة ومتواصلة بعاداتها .. تتناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل .. فمن عاداتهم المتوارثة أيضًا إذا ما كرهوا شخصًا ثقيل الظل تمنوا من الله ألاّ يعود إلى حضن المجموعة .. إذ عندما يغادرهم يكسرون خلفه “قلة” وهم يعتقدون بأن كسر القلة أو أي إناء وراء هذا الشخص كفيلًا بألاّ يعيده إلى ” الشلة” أو البيت أو المجموعة مرة أخرى .. والأصل في هذا الاعتقاد أن قدماء المصريين كانوا يخشون أن تعود روح الميت إليهم في الليل أو في النهار فتروعهم أو تتراءى لهم في أحلامهم فترعبهم وتخوفهم .. فكانوا يلجاؤن إلى كسر آثار مثل الفخار أو الزجاج خلف الميت عند خروج التابوت من البيت .. هذه العادة نستعملها الآن في ليبيا عند مغادرة العروس بيت والدها إلى بيت زوجها وهذا يعني رغم الخسائر في الصحون والفخاريات أن الجميع يتمنى حياة سعيدة و مستقرة خالية من المشاكل للأسرة الجديدة وألا تعود البنت إلى بيت والدها إلاّ لزيارة عابرة أو مناسبة ما .. كذلك هناك عدة ألفاظ يتناقلها المصريون إلى يومنا هذا تعود في أصلها إلى الحضارة التي مضت عليها أكثر من سبعة آلاف سنة .. فمثلًا نجد المولود بمجرد أن يرى النور ويبدأ في إدراك ما حوله يسمع أمه تناغيه بلغة غريبة عنه لكنها في ذات الوقت أقرب ما تكون إلى حسه وفهمه فإذا ما جاع قالت له أمه : مم .. وإذا ما عطش تقول له : أمبو .. فهاتان الكلمتان (مم – أمبو) قبطيتان أخذتا من اللغة المصرية القديمة .. فكلمة (مم) مأخوذة عن القبطية (موم) والتي تعني فعل الأمر من أكل أي (كل) .. أما كلمة (أمبو) فعن كلمة (أمبو ) القبطية والتي تعني إشرب.. وإذا ما حس الطفل بألم سألته أمه في حنان وعطف عن مكان الوجع فقال : دادا .. وهي كلمة بجميع حروفها هيروغليفية تعني : ألم أو وجع أو ورم .. ولا يختلف ليبيان على أن كلمتي ( مم- أمبو) كثيرة التداول بين الأمهات مع الأطفال الصغار .. تظل مصر العمق الإستراتيجي والاجتماعي والسياسي والثقافي لبلادنا ..

زر الذهاب إلى الأعلى