كيف تتسلل كراهية الإسلام إلى ألعاب الفيديو؟

لم تعد ألعاب الفيديو مجرد وسيلة ترفيه، بل أصبحت أداة قوية لتشكيل الوعي والتأثير في تصورات الأفراد حول العالم. وفي السنوات الأخيرة، ظهر نمط مقلق يكمن في إعادة إنتاج صور نمطية سلبية عن المجتمعات الإسلامية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. هذه الظاهرة تُعرف باسم “كراهية الإسلام البصرية”.

إذ تُعيد ألعاب الفيديو صياغة مفاهيم (الخير والشر)، حيث تُرسخ صورة العدو من خلال شخصيات بملامح أو أزياء شرق أوسطية وإسلامية. ويهدف هذا الإنتاج العنصري إلى تعزيز التحيزات السلبية في وعي اللاعبين، وخاصة الشباب. وغالبًا ما يتم تصوير منطقة الشرق الأوسط كساحة للصراع والفوضى، مما يحولها إلى أرض معارك دائمة في الألعاب “العنيفة”.

بالتالي، فإن ربط الأشرار بملامح أو لباس عربي وإسلامي لا يُرسخ كراهية الإسلام بصريًا فحسب، بل يمتد تأثيره إلى الواقع الاجتماعي والسياسي، حيث تُغذي هذه الصور النمطية العداء للإسلام في المجتمعات الغربية بشكل غير مباشر، خصوصًا لدى اللاعبين الذين لا يمتلكون خلفية معلوماتية عن المجتمعات الإسلامية.

وبالفعل، واجهت ألعاب شهيرة انتقادات حادة لتصويرها مناطق الشرق الأوسط كـ “مسرح دائم للعنف”، واستخدامها رموزًا وشخصيات تُرسخ ارتباط الإسلام بالإرهاب. ومن هنا، هذا التصوير يُساهم في تطبيع الروايات المعادية للإسلام، ويُقصي المجتمعات المسلمة من تمثيل عادل ومنصف في صناعة الألعاب، مما يجعل تأثير هذه الألعاب يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد شاشة اللعب.

إدراكًا لهذه التحديات، بدأت بعض استوديوهات الألعاب المستقلة في تبني مقاربات أكثر إنصافًا، من خلال إشراك كتاب ومصممين من خلفيات ثقافية متنوعة، لضمان احترام الهوية الدينية والثقافية، وتقديم قصص متعددة الأبعاد تتجاوز ثنائية “العدو المسلم” و”البطل الغربي”. لكن لا يقع التحول على عاتق المطورين وحدهم، فالمجتمع واللاعبون يمتلكون مسؤولية رئيسية في مواجهة هذه الصور النمطية عبر عدة خطوات:

  1. تعبير اللاعبين عن آرائهم وانتقاد الألعاب التي تروج للصور النمطية من خلال المراجعات على المنصات العامة.
  2. دعم مشاريع الألعاب المستقلة التي تقدم قصصًا أكثر عدلاً وإنصافًا.
  3. المشاركة في النقاشات العامة التي تتناول العلاقة بين التكنولوجيا والعدالة الثقافية والدينية.

بهذه الجهود المشتركة، يمكن أن تتحول صناعة الألعاب إلى مساحة أكثر شمولاً وتنوعًا، تعكس الواقع الإنساني بجميع أبعاده.

بناءً على ذلك، يُشدّد #مرصد_الأزهر على أهمية التصدي لظاهرة كراهية الإسلام البصرية، التي باتت تتغلغل في وعي الأجيال الجديدة من خلال وسائط رقمية ترفيهية مثل ألعاب الفيديو، لاسيما أن استمرار هذا النمط يُسهم في تطبيع الكراهية والتحريض ضد المسلمين، وتوسيع الفجوة بين الشعوب والثقافات.

ويؤكد المرصد على ضرورة التزام مطوري الألعاب بمبادئ الإنصاف الثقافي، وإنتاج محتوى رقمي يُراعي القيم الإنسانية ويُسهم في بناء الوعي لا تشويهه، واعتبار تصميم الألعاب فرصة لبناء جسور التفاهم والتعايش، لا جدران للانقسام والتعصب.

زر الذهاب إلى الأعلى