رئيس منظمة “خريجي الأزهر” الأمين العام لهيئة كبار العلماء: بميلاده ﷺ حل العدل بين الناس وأعطيت الحقوق لأصحابها فأصبح المجتمع مثاليًا لا يعرف الأحقاد والضغائن
د. شومان: أطالب أمتي العرب والمسلمين باليقظة، لأن الخطر داهم والأعداء يتربصون بهم وعليهم توحيد القرار والمصير
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر أ.د عباس شومان، رئيس مجلس منظمة خريجي الأزهر، وكيل الأزهر الأسبق، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، ودار موضوعها حول “كيفية الاحتفال بمولد المختار”، موضحًا أن المولى سبحانه وتعالى أرسل رسوله ﷺ في عالم متخبط اختلت فيه القيم والأخلاق والمعاملات، وفي مجتمع سادت فيه شريعة الغاب، القوي يأكل الضعيف، والصحيح يفتك بالمريض، والغني يزداد غنى في فقر الفقير، مجتمع لا أخلاق له ولا قيم، فأرسل الله رسوله ﷺ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فحل على يديه العدل محل الظلم، والإنصاف محل الطغيان، وأُعطيت الحقوق لأصحابها وتقرب الناس إلى خالقهم وتعلقوا به حتى شاعت على وجوههم وأجسادهم أنواره ﷺ، وأصبح الناس يحبونه ويلتفون حوله، مجتمع مثالي أسسه النبي ﷺ بهدي من ربه الذي أنزل عليه القرآن معالجا لأمراض المجتمع، وواضعا إياه على الطريق الصحيح.
وبيّن الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن الخلاف في حكم الاحتفال بميلاد النبي ﷺ، هو أمر مقصود، يهدف إلى إلهاء المسلمين عن قضاياهم الأساسية، مؤكدا أن الاحتفال بميلاد النبي ﷺ أمر مشروع، مستشهدًا بالآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾، فالحق سبحانه وتعالى وملائكته يحتفون به، بينما يختلف المسلمون في الاحتفال بمولده، لافتًا إلى أن الخروج من هذه القضية الشائكة وهذا الجدال سهل وميسور، فمن يرى أنه لا يجوز الاحتفال بمولده فلا يحتفل، ومن يرى جواز الاحتفال بميلاده ﷺ فليحتفل، فليس هذا هو الاحتفال الحقيقي بذكرى ميلاده ﷺ.
وأشار رئيس خريجي الأزهر، إلى أن الاحتفال الحقيقي بميلاد النبي ﷺ يكون بالنظر إلى الفرد والنفس والأسرة والمجتمع المحيط، والمجتمعات الكبرى الإسلامية، هل هي على نهج كتاب الله وسنة نبيه ﷺ الذي أوصله الله لنا والذي نحتفي بذكرى ميلاده؟ هل نحن على نهجه الذي نتغنى بحبنا له؟ هل حالنا يبرهن على حبنا له؟ لكن ينبغي أن يكون منطلق الاحتفال هو السير على نهجه ﷺ، وأن نعمل على إصلاح الخلل في نفوسنا وفي مجتمعاتنا، ولو فعلنا هذا لصرنا فعلا أمة واحدة متماسكة مهما تباعدت بيننا المسافات، ولما استطاع أعداؤنا إحداث الفرقة بيننا، لأن التزامنا بهدي نبينا ﷺ يوجب علينا الاعتصام، قال تعالى :”واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، مضيفًا أن الوحدة الحقيقية هي وحدة الإرادة والهدف والمصير، مهما تباعدت المسافات والأماكن، يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، ساعتها ستكون الأمة واحدة إذا تضرر بعض من ينتسبون إليها فالضرر واقع على الجميع مهما بَعُد هذا الضرر، وحدة الإحساس والغيرة على حرمات الله وإعلاء رايته، وعلينا أن نتحد إن كنا حقا نريد الاحتفال بميلاده ﷺ، فحال الأمة لا يسر، لكن لو اتحدت ولو بمجرد إعلان الاتحاد بالكلمة، لحسب لها عدوها ألف حساب، فلقد أمرنا المولى عزّ وجلَّ بأن نأخذ بأسباب القوة والعزة والمنعة، يقول تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ﴾.

كما أكد أن الأمة الإسلامية هي أمة سلام، حتى رغم امتلاكها القوة لأن ديننا لا يأمرنا بالقتال، بل بالسلام، يقول تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾، ولكن يجب عليها امتلاك كافة مقومات القوة من الناحية الاقتصادية، والثقافية، والعلمية، لأن امتلاك هذه القوة هو الذي يقر السلام ويجنب الأمة ويلات الحروب والدمار.
وفي ختام الخطبة دعا الأمين العام لهيئة كبار العلماء أمتي العرب والمسلمين إلى اليقظة، لأن الخطر داهم والأعداء يتربصون بهم، مما يتطلب توحيد القرار والمصير، كما حث فضيلته الجميع قادة وشعوبا على الالتفاف حول مصر ودعم موقفها “المشرف” في رفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف وجموع المصريين يقفون صفًا واحدًا خلف قيادتهم وجيشهم.