تنمية الولاء والانتماء.. نصر أكتوبر فتح مبين ونصر عظيم

بقلم فضيلة أ.د/ أحمد الشرقاوي
وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم

لقد عظَّم الله – عز وجل – حب الأوطان في قلوب أبنائها، وجعل التعلق بها من الفطرة التي فطر الناس عليها. وليس أدلّ على ذلك من تسلية المولى – سبحانه – لقلب نبيه ﷺ حين تكالبت عليه قريش بالمكر والمؤامرات، فضيّقوا عليه وعلى أصحابه في معاشهم، فكان إذن الله له بالهجرة إلى المدينة جبرًا لخاطره، وهو يعلم مدى حبه لمكة التي نشأ فيها وتربى على ترابها، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾ [القصص: 85].
أي سيردّك إلى مكة بعد حين، وقد كان؛ فعاد إليها النبي ﷺ فاتحًا منتصرًا، رفيقًا بأهلها، رحيمًا بأبنائها، حريصًا على عزتها ورفعتها.
ومن هذا المنطلق نقول إن الانتماء إلى الأوطان جزء من كمال الإيمان، وهو في ذاته من أهم أسباب النصر والتمكين. وما نصر أكتوبر المجيد إلا شاهد حي على ذلك، فقد كان فتحًا مبينًا ونصرًا عظيمًا أعاد للأمة عزتها وهيبتها.
وفي هذه الذكرى الخالدة، يجدر بنا أن نوضح للنشء وللناس كافة الفرق بين الولاء والانتماء:
فالولاء يكون للقيادة الرشيدة، اقتناعًا بحكمتها وثقة في قراراتها وسياستها، أما الانتماء فيتعلق بحب الأرض والوطن الذي نشأنا فيه، وأكلنا من خيره، وتربينا على عاداته وتقاليده الأصيلة.
وإذا اجتمع الولاء والانتماء تحقق النصر، كما حدث في نصر أكتوبر، حين التف المصريون جميعًا حول قيادتهم في مشهد خالد جسّد أسمى معاني الوحدة والإخلاص.
إن ترسيخ مفهومي الولاء والانتماء في نفوس الأجيال ضرورة وطنية وتربوية، ينبغي أن تتولاها المؤسسات التعليمية والتثقيفية، ليعي أبناؤنا أن اجتماع الولاء للقيادة مع الانتماء للوطن هو الطريق إلى النصر الحقيقي.
ونصر أكتوبر مثال خالد يُدرَّس للأجيال المتعاقبة، ليس في ميادين القتال فقط، بل في معاني الإيمان، والإخلاص، والعمل الجاد، وحسن التوكل على الله، مصداقًا لقوله تعالى:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: 60].
فالنصر لا يكون بكثرة العَدد والعُدد، بل بالإيمان الصادق والعزم الراسخ وسلامة القصد.
قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]،
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7].
ومن ثم فإن الإعداد قدر الاستطاعة، وبذل الجهد المخلص في سبيل الله والوطن، هو سبيل النصر والتمكين. فالإيمان بالقضية يولد الإخلاص، والإخلاص يثمر العزم والإرادة الصادقة، فيتحقق النصر بفضل الله وإن قلّ العتاد والعدد.
وهذا ما تحقق فعلاً في نصر أكتوبر المجيد، الذي سيظل علامة مضيئة في تاريخ الأمة، ودليلاً على أن الإيمان، والإخلاص، والوحدة هي مفاتيح النصر المبين.

كل عام وشعب مصر بخير وعزة، بمناسبة نصر أكتوبر المجيد، الفتح المبين والنصر العظيم.

زر الذهاب إلى الأعلى