توسع الإرهاب في إفريقيا: من أوغندا إلى موزمبيق ونيجيريا هل تتقاطع المسارات؟

تعمل التنظيمات الإرهابية على توسيع نطاق عملياتها بشكل متزايد من شرقي إفريقيا إلى غربيها، حيث تسعى إلى اختراق الجيوب الأمنية بهدف إنشاء شبكات معقدة تربط بين مختلف المناطق. وعلى الرغم من تنوع الأهداف التي تسعى لضربها وتفاوت مواقع تنفيذ هذه العمليات، إلا أنها تشترك جميعها في كونها جزءًا من ظاهرة متزايدة تتجاوز الحدود الوطنية وتعيد إنتاج نفسها بشكل مستمر.

أوغندا: اغتيال جنود وداعش يتبنّي
أعلن “داعش في وسط إفريقيا” تبنّيه هجومًا على قافلة عسكرية أوغندية شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ما أسفر عن مقتل جنديين من الجيش الأوغندي واحتراق مركبة عسكرية.

ووقع الهجوم قرب قرية “نديسا” في إقليم “إيرومو”، أثناء تحرك القافلة نحو قاعدة “مونغامبا”، بعد أن وقعت في كمين نصبه مقاتلو حركة القوات الديمقراطية المتحالفة الموالية لتنظيم داعش الإرهابي.

وردًا على هذا الهجوم، نفذت القوات الأوغندية عملية تمشيط واسعة لمطاردة المسلحين، كما تم نشر تعزيزات عسكرية أوغندية وكونغولية في المنطقة لتأمين الطرق.

في سياق موازٍ، أصدرت محكمة عسكرية في مدينة “بني” أحكامًا بالسجن تتراوح بين 5 و20 عامًا على 23 متهمًا بالانتماء أو دعم تنظيم داعش، في خطوة اعتبرت محاولة لتعزيز هيبة الدولة ومكافحة الإفلات من العقاب.

موزمبيق: اختطاف وقتل مدنيين
في سياق منفصل، شهدت مقاطعة “كابو دلغادو” شمال موزمبيق موجة جديدة من العنف، حيث قُتل 3 أشخاص واختُطف 11 طفلاً. ووفق شهادات السكان، نفذ المهاجمون عملياتهم في بلدة “بالما”، المركز الاقتصادي الأبرز في المنطقة، والتي تضم مشروعات الغاز الطبيعي الدولية الكبرى.
تمثل الهجمات الجديدة تصعيدًا خطيرًا في أعمال العنف المستمرة منذ سنوات، واللافت هنا أنها استهدفت مناطق استراتيجية قريبة من مشاريع الطاقة والغاز، وهو مؤشر على سعي الجماعات المسلحة إلى السيطرة على المناطق ذات الأهمية الاقتصادية.

كما يعكس هذا الهجوم قدرة تلك الجماعات على استهداف المدنيين بشكل عشوائي إما بالهجمات المباشرة أو بالاختطاف بهدف الابتزاز أو الضغط.

نيجيريا: تصعيد الهجمات على القوات العسكرية
من جانب آخر، أعلن الجيش النيجيري عن مقتل أربعة جنود وإصابة خمسة آخرين أثناء التصدي لهجوم شنه مسلحون في منطقة نغامدو الواقعة شمال شرق ولاية بورنو.

ووفقًا للتقارير، استخدم المهاجمون قذائف صاروخية وطائرات مسيرة بالإضافة إلى عبوات ناسفة بدائية استهدفت القوات والمركبات العسكرية. وهذا يعكس تطور أدوات الجماعات الإرهابية وصقل خبرتها التكتيكية.

في المقابل، أعلن الجيش أنه تمكن من إلحاق خسائر فادحة بالمهاجمين، حيث نجحت تعزيزات من اللواء 29 في صد الهجوم وتحييد 15 مهاجمًا خلال العملية. تأتي هذه المواجهة في إطار تصعيد متواصل لهجمات جماعتي بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب إفريقيا على القواعد العسكرية في ولاية بورنو، التي تُعتبر بؤرة تمرد مستمر منذ أكثر من عقد، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد حوالي مليوني شخص.

الأحداث الجارية: نقاط التلاقي والدلالات
استنادًا إلى تحليل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف للهجمات الثلاثة، يمكن استنتاج النقاط التالية:

التوسع الجغرافي والتحالفات العابرة للحدود:
إعلان تنظيم داعش عن تبنيه لهجوم في أوغندا، على الرغم من بعد المسافة عن معاقله التقليدية، يشير إلى أن لديه شبكات أو شركاء محليين، يمتد نشاطهم إلى شرق ووسط إفريقيا.

الجمع بين استهداف قوات الأمن والمدنيين والبنى التحتية استراتيجية متعددة الأبعاد:
في نيجيريا وأوغندا، كان الهدف الأساسي هو القوات العسكرية، بهدف تقويض حلقات المقاومة وإضعاف القدرات الأمنية. أما في موزمبيق، فقد تم توجيه الاستهداف نحو الأهداف المدنية، حيث تم اللجوء إلى القتل والاختطاف واستهداف المناطق ذات الأهمية الاقتصادية، كوسيلة لإخضاع السكان وإرهابهم.

تطور تكتيك الهجمات:
تتجلّى تطورات أدوات التنفيذ والتكتيك في استخدام الجماعات الإرهابية للطائرات المسيرة والعبوات الناسفة في نيجيريا، مما يعكس تقدمًا كبيرًا في قدراتها. كما تُشير الهجمات على مشاريع الطاقة في موزمبيق إلى زيادة وعي هذه الجماعات بالأولويات الاقتصادية للدول، واستغلالها لنقاط الضعف المتاحة.

ضعف التنسيق الأمني:
يظهر ضعف التنسيق الأمني في مناطق الهجمات التي شنتها الجماعات الإرهابية في مناطق نائية جغرافيًا (شرق، جنوب شرق، وغرب إفريقيا)، وهو ما استغلته هذه الجماعات لمواصلة التمدد الجغرافي.

التوصيات
ينبه مرصد الأزهر إلى خطورة وجود ثغرات أمنية على الحدود الإفريقية، مشددًا على ضرورة تعزيز التنسيق الاستخباراتي وتأسيس آليات مشتركة لتبادل المعلومات حول تحركات الجماعات المسلحة.
كما يؤكد على أهمية مراقبة الحدود البرية والجوية، وربط جهود المراقبة الجوية بين الدول المجاورة، وتفعيل قوات استجابة سريعة متعددة الجنسيات تكون جاهزة للتصدي لأي تهديد محتمل.
ويشدد المرصد على أهمية رفع الكفاءة الأمنية والتعامل مع التهديدات العابرة للحدود، وتأمين المنشآت الحيوية والبنى التحتية الحساسة، لأن استهدافها يخدم أهداف الجماعات في خلق الفوضى.
وأخيرًا، يجدد المرصد تأكيده على ضرورة تعزيز دور المجتمعات المحلية ضمن الجهود الوطنية المبذولة لمكافحة الإرهاب، مع تفعيل المبادرات المجتمعية لمواجهة الأيديولوجيات المتطرفة التي تمهد الطريق لتلك الجماعات لتجنيد الشباب والنشء في صفوفها.

زر الذهاب إلى الأعلى