كيف أصبحت “نصرة الإسلام والمسلمين” القوة غير النظامية الأكبر في الساحل؟
مرصد الأزهر يكشف أبعاد تنامي دور الجماعة على الأوضاع الإقليمية
تعيش دولة مالي أزمات متصاعدة ألقت بظلالها على الحالة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والتي لم تقتصر تداعياتها على البلاد فحسب، بل امتدت إلى دول الجوار. ومن الأسباب الرئيسة لهذه الأزمات العمليات التي ترتكبها الجماعات المتطرفة والميليشيات المسلحة التي تسعى لفرض سيطرتها على الأرض لتنفيذ مخططاتها الإجرامية؛ حيث يأتي تنامي خطر هذه التنظيمات على رأس التهديدات التي تضعف فرص التنمية والاستقرار.
ويبرز خصمان يهددان استقرار مالي هما جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التي تفرض حصارًا خانقًا على مدن عدة، وجبهة “تحرير أزواد” التي تخوض مواجهات عسكرية مفتوحة في شمال البلاد.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أصبحت تتحكم فعليًا في شريط جغرافي واسع يمتد من وسط مالي إلى حدود #النيجر و #بوركينا_فاسو، من خلال استراتيجية مزدوجة تجمع بين التوسع العسكري وبناء هيكل إداري موازٍ، وهو ما سبق أن حذر منه مرصد الأزهر في تقاريره ومتابعاته الإخبارية خلال العام الجاري.
ورغم صعوبة تقدير المساحة التي تسيطر عليها “نصرة الإسلام والمسلمين” بدقة، يُعتقد أن نفوذ هذه الجماعة المتطرفة يغطي أكثر من مليون كيلومتر مربع، مما يجعلها القوة غير النظامية الأكبر في شريط الساحل الإفريقي.
وقد استغلت الجماعة الإرهابية الاضطرابات التي شهدتها مالي لبناء إدارة موازية تعتمد على فرض الإتاوات وجباية الضرائب والتحكم في مسار التجارة، لتؤسس بذلك ما يشبه بـ “دولة ظل” تُهدد اقتصاد الدولة. فمنذ مطلع سبتمبر 2025، فرضت “نصرة الإسلام والمسلمين” حصارًا خانقًا على العاصمة باماكو ومدن كبرى أخرى، مما تسبب في حدوث أزمة إنسانية حادة، وارتفاع سعر الوقود بمقدار الضعف بالإضافة إلى حالة الشلل التي أصابت حركة النقل والتجارة وهو ما نتج عنه توقف الإمدادات الإنسانية بشكل شبه كامل.
بناءً على هذه المستجدات، يجدّد مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف تأكيده على أهمية توحيد ومضاعفة الجهود الإقليمية والدولية للتصدي لتهديدات جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” وغيرها من جماعات تنتهج العنف سبيلاً لتحقيق مآربها، وهو ما يبدّد أحلام التنمية والاستقرار في القارة الإفريقية.