أحبّ الناس إلى الرسول.. ذكرى وفاة «أم المؤمنين» السيدة عائشة
تمر اليوم الذكرى الـ1342 على رحيل أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبى بكر، وزوجة خاتم المرسلين النبى محمد صلى الله عليه وسلم، إذ رحلت فى 13 يوليو عام 678م، وهى ثالث زوجات النبى، والأولى والوحيدة التى تزوجها نبى الإسلام بكرا.
وتعد أم المؤمنين عائشة أحد أكثر زوجات الرسول الكريم قرباً إلى قلبه، ويرى بعض الفقهاء أنها أكثرهم حباً إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وقد وصفها المصطفى المختار بعدة ألقاب رضى الله عنها قبل وفاتها، ومن أبرزها وأشهره على الإطلاق لقب “الحميراء”.
وصفت السيدة عائشة رضى الله عنها بالحميراء، لأنها كانت شديدة البياض، وتعنى كلمة “حميراء” البيضاء وهى تصغير “حمراء”، وهو لقب أطلقه عليها النبى صلى الله عليه وسلم.
وأمُّها هي: أُمُّ رُومانَ بنتُ عامرِ بن عُوَيمر، بن عبدِ شمْس، بن عتاب بن أُذينة الكِنانية.
قد شهد لها الصحب والتابعون بالعلم فقد ثبت عن أبى موسى أنه قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً، رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح.
علمها وفقهها :
كانت السيدة عائشة رضي الله عنها مرجعًا علميًّا لكبار الصحابة وفقهائهم في السُّنَّة والأحكام والاستلال، والفرائض والحرام والحلال، وكانوا إذا أُشكِل عليهم شيء في الدين استفتوها فأفتتهم.
وقد روت رضي الله عنها عن سيدنا رسول الله ﷺ كثيرًا من الأحاديث تجاوزت ألفي حديث، وروى عنها جَمْع من الصحابة منهم عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم. وروى عنها من التابعين عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعلقمة بن قيس، وعكرمة ومجاهد، والشعبي، ومسروق، وسعيد بن المسيب، وطاووس، وعلي بن الحسين، وابن أبي مليكة وغيرهم.
ومن النّساء عمرة بنت عبد الرحمن، ومعاذة العدوية، وعائشة بنت طلحة، وجسرة بنت دجاجة العامريّة، وحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وخيرة أم الحسن البصري، وصفية بنت شيبة، وغيرهن. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: «ما أشكَل علينا -أصحابَ رسولِ اللهِ ﷺ- حديثٌ قطُّ فسأَلْنا عائشةَ إلَّا وجَدْنا عندَها منه عِلْمًا».. [أخرجه الترمذي]
وقال الحاكم في مستدركه: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْعِلْمِ وَالشِّعْرِ وَالطِّبِّ مِنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ». النَّبي ﷺ يدعو لعائشة، وجبريل يُقرئها السلام عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا رأَيْتُ مِن النَّبيِّ ﷺ طِيبَ نفسٍ قُلْتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي فقال: «اللَّهمَّ اغفِرْ لِعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخَّر ما أسرَّتْ وما أعلَنَتْ» فضحِكَتْ عائشةُ حتَّى سقَط رأسُها في حِجْرِها مِن الضَّحِكِ قال لها رسولُ اللهِ ﷺ: «أيسُرُّكِ دعائي؟» فقالت: وما لي لا يسُرُّني دعاؤُكَ؟ فقال ﷺ: «واللهِ إنَّها لَدعائي لِأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ».. [أخرجه ابن حبان] وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «يا عائِشَ هذا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ قُلتُ: وعليه السَّلامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ، قالَتْ: وهو يَرَى ما لا نَرَى -تعني النبي ﷺ-».. [متفق عليه]
وفاة سيدنا رسول الله ﷺ على صدرها:
لقد شرَّف الله سبحانه أمَّنا عائشة أن كانت آخر لحظات حياة سيّدنا رسول الله ﷺ في حُجرتها وعلى حِضنها؛ فعنها رضي الله عنها قالت: إنَّ مِن نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ تُوُفِّيَ في بَيْتِي، وفي يَومِي، وبيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللَّهَ جَمع بيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: دَخَلَ عَلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ (ابن أبي بكر)، وبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسولَ اللَّهِ ﷺ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وعَرَفْتُ أنَّه يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عليه، وقُلتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ فَلَيَّنْتُهُ، فأمَرَّهُ، وبيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أوْ عُلْبَةٌ -يَشُكُّ عُمَرُ- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في المَاءِ فَيَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، يقولُ: «لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ» ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ ﷺ.. [أخرجه البخاري]
وفاتها رضي الله عنها
تُوفِّيت رضي الله عنها وأرْضاها سَنةَ سَبْعٍ وخمسين على الصَّحيحِ، وقيل: سَنَة ثمان وخمسين، في ليلةِ الثلاثاء لسَبْعَ عشرةَ خَلَتْ مِن رمضان بعدَ الوتر، ولها من العمر ستة وستون عامًا، ودُفنت من ليلتها في البقيع.