ليبيا لليبيين
بقلم الشيخ عبدالوهاب خير ـ رئيس مكتب منظمة خريجى الأزهر بوادي الشاطئ
لا يخفى على أحد ما تمر به ليبيا، ومن الواجب الآن على الجميع أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار حتي يكون الوطن لأبنائه، بعيداً عن هؤلاء الذين جاءوا يقاتلون مقابل المال، والثروات.
إنّ استعادة السلام في ليبيا يقوم على إرادة الليبيين وحوارهم، ولمِّ الشمل وتطبيق العرف والمساهمة في تحقيق أمن ليبيا واستقرارها الذي هو في المرتبة العليا من الأهمية.
ففي الشرع نهى الإسلام أن يستعين المسلم على أخيه لظلمه وأكل حقه، وسفك دمه، فكيف إذا كان للنيل من وطنه، وتخريبه حتى لا ينعم أهله بالاستقرار، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله» رواه ابن ماجه والبيهقي.
أما المأجورون الذين يحاولون تدمير الأوطان فليسوا إلا مرتكبي جريمة نكراء في ميزان الشرع، فاختلاف أبناء الوطن الواحد ليس سبباً لوجودهم، ولعل ما ﻳُﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﺃﺭﺳﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔً ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ رضي الله عنهما ﻭﻗﺖ ﺧﻼﻓﻪ ﻣﻊ سيدنا ﻋﻠﻲ – ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ – ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ: «ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، ﻭﺇﻧﺎ ﻟﻨﺮﻯ ﺃﻧﻜﻢ ﺃﺣﻖ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ، ﻓﻠﻮ شئت ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻟﻚ ﺟﻴﺸﺎً ﺃﻭﻟﻪ ﻋﻨﺪﻙ ﻭﺃﺧﺮﻩ ﻋﻨﺪﻱ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﺮﺃﺱ ﻋﻠﻲ». فلما ﻭﺻﻞ ﻛﺘﺎﺏَ الرومي ﻟسيدنا ﻤﻌﺎﻭﻳﺔَ، كتب ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ: «ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔَ ﺑﻦِ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﺄﻧَﺎ ﻭﻋﻠﻲٌّ ﺃﺧﻮﺍﻥِ، ﻛُﻞٌّ ﻣﻨَّﺎ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻪ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮٍ ﻓﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﺑﺄﻗﺮﺏَ ﺇﻟﻲَّ ﻣﻦ ﻋﻠﻲٍّ، ﻓﺎﻛﻔﻒْ ﻋﻨَّﺎ ﺧُﺒْﺜَﻚَ ﻭﺷَﺮَّﻙَ ﻭﺇﻻ ﺃﺗﻴﺖُ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﺠﻴﺶٍ ﺟَﺮَّﺍﺭٍ، ﻋﻠﻲٌّ ﻗﺎﺋﺪُﻩ، ﻭﺃﻧﺎ ﺗﺤﺖَ ﺇﻣْﺮَﺓِ ﻋﻠﻲٍّ ﺣﺘﻰ ﺃُﻣَﻠِّﻜَﻪُ ﺍﻷﺭﺽَ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺖَ ﻗﺪﻣﻴﻚَ!».
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدور على الحجاج بعد أداء النسك بالدرة، يقول: «يا أهل اليمن يمنكم، ويا أهل الشام شامكم، ويا أهل العراق عراقكم ..فهو أبقى لحرمة بيت ربكم في قلوبكم». فما بالنا بمن قدم أرضا لا ليقضي فرضا، وإنما ليقتل ويسفك الدماء.
فالحق أحق أن يتبع، فمواطنوا كل بلد أولى بثرواته ووظائفه، مع الترحيب بكل وافد جاء ليعين ويعلِّم ويساعد في التنمية والبناء، لا ليدمر ويخرب بأجر، فهذا هو المرتزق الآثم الذي عليه أن يرحل ويترك البلاد لأهلها، حتى تستقر و تهدأ.