دور الأزهر فى دعم الثقافة الإسلامية بالصومال


كلية الدراسات الإسلامية-الصومال

يتميز الشعب الصومالى على كثير من الشعوب المجاورة باجتماع مقومات الوحدة من اللغة والدين والعِرق فيه، ويوصف بأنه شعب مسلم سُنَّى شافعى المذهب، والإسلام عريق فى هذا البلد ومتأصل فيه، من الأدلة على هذا ما قاله المؤرخ ابن سعيد المغربى المتوفى سنة 685 م فى كتابه الجغرافيا عن العاصمة الصومالية مقديشو؛ فقد وصفها بأنها مدينة الإسلام المشهورة، وكان بعض الطلبة يرحلون إليها لطلب العلم، كما رحل السيد محمد علوى بن أحمد بن الفقيه المقدم من اليمن للدراسة على الشيخ جمال الدين الجهوى، كما هو مذكور فى شرح العينية للحبيب أحمد بن زين الحبشى.
كما تكون فى البلد إمارات إسلامية عدة تعاقبت عليه، منها الإمارات السبع أو ما يعرف بدول الطراز كإمارة عدل وأوفات وغيرهما التى كتب عن أخبارها المؤرخون مثل المقريزى فى «الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام»، وابن فضل الله العمرى فى «المسالك والممالك».
وعند الحديث عن الإسلام فى الصومال نبين أولاً أن المؤرخين لهذا البلد مجمعون على أن الإسلام قد انتشر فى هذا البلد سلميًا عن طريق الدعاة إلى الله ولم يحصل عن طريق الحرب.
وحول تاريخ وصول الإسلام إلى الصومال اختلف فى ذلك، فمن المؤرخين من قال: إن الإسلام وصل إلى الصومال فى حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن طريق الصحابة المهاجرين إلى الحبشة؛ حيث نزلوا فى ميناء زيلع الصومالى فنشروا الإسلام فيها، وهذا الرأى فى نظرى ليس قويًا، ولا توجد أدلة تدعمه وقد كان نشر الإسلام من قبل الصحابة المهاجرين صعبًا بسبب كونهم لاجئين ولم يقدر النجاشى ملك الحبشة فيها على إظهار إسلامه.
وقال آخرون: إن الإسلام وصل إليها فى القرن الأول الهجرى أثناء حكم الخليفة عبدالملك بن مروان؛ حيث توجهت جيوشه إلى تلك المنطقة بقيادة الأمير موسى بن جعشم.
وهذا الرأى يبدو أقرب للصواب مما سبق، ومما يؤيده وجود قطعة من كتابه على قبر امرأة تدعى فاطمة بنت محمد بن عبد الصمد توفيت سنة 111 هـ.
ولما أسلم الصوماليون صار هذا الدين جزءًا من كيانهم، وقد حاول أعداء الإسلام من المستعمرين تغيير هوية الشعب الإسلامية عن طريق إرساله العديد من الإرساليات التبشيرية فى جنوب البلاد وشمالها، إلا أنهم جميعًا وبلا استثناء قد باءوا بالخسران.
وكان للأزهر الشريف دور مهم وسعى مشكور فى تدعيم الثقافة العربية والإسلامية فى هذا البلد، وللصوماليين تقدير كبير للأزهر وعلمائه، ولمن يتخرج فيه من الطلبة، وقد كان الطلبة الصوماليون يفدون إليه منذ القدم ويدرسون فى الجامع الأزهر خصوصًا، وكان هناك رواق الزيالعة- وزيلع مدينة مشهورة بالصومال- الذى كان مخصصًا لطلبة الصومال والحبشة ونواحيها، وفى هذا الرواق درّس أجداد الشيخ عبدالرحمن الجبرتى المؤرخ المعروف صاحب كتاب عجائب الآثار فى التراجم والأخبار، كما كان الأزهر الشريف يرسل البعثات إلى الصومال قبل استقلال البلد وبعده، وأنشأ مدارس ومعاهد شرعية فى مختلف مناطق البلاد، وخير شاهد على ذلك فضيلة الشيخ عبدالرحمن النجار الذى ترأس البعثة الأزهرية فى الصومال 1963م، وكتب عن الصومال فى مؤلف سماه: الإسلام فى الصومال.
وقد كان العلماء من خريجى الأزهر يعملون على تثقيف الناس فى شئون دينهم ويعملون على إصلاح دنياهم، ولا بد من الإشارة على سبيل المثال إلى دور الشيخ محمد معلم، رحمه الله، الذى توفى سنة 2000 م الذى تخرج فى كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والذى قام بجهود عظيمة فى تسهيل فهم العوام وطلبة العلم لكتاب الله؛ فقد شرحه بطريقة لم تكن معهودة من قبل جذبت إليه أنظارهم، ونالت إعجابهم واستحسانهم، ودوره فى المجال يشبه دور الشيخ محمد متولى الشعراوى، رحمه الله، كما قام الشيخ رحمه الله بجهود المصالحة بين الصوماليين والوساطة بين زعماء الحرب بعد اندلاع الحرب الأهلية فى الصومال سنة 1991 م، ومنهم فضيلة السيد أحمد شيخ موسى الأزهرى الذى ألف «رسالة خطر العصبية على الصومال» سنة 1959 م، وغيرهم الكثير.

زر الذهاب إلى الأعلى