كلية إعلام الأزهر تحتفى باليوم العالمي للغة العربية


نظمت صباح اليوم رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع كلية الإعلام – جامعة الأزهر، ندوة بعنوان «حماية اللغة العربية: الوسائل والطرائق»، وذلك في إطار الاحتفال السنوي باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام, بمناسبة اعتمادها لغة سادسة في الأمم المتحدة.


أقيمت الاحتفالية تحت رعاية أ.د. محمد حسين المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر وأ.د. أسامة العبد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، وقدم الاحتفالية سعد المعنى مدير عام البرامج بإذاعة القرآن الكريم .
وفي بداية كلمته أكد الدكتور محمد المحرصاوي، أن اللغة العربية هي اللغة التي اختارها الله تعالى لتكون لغة القرآن الكريم، خاتم الكتب ولغة الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ولغة الدين الإسلامي خاتم الأديان ،ولغة أهل الجنة، وقد اصطفاها الله تعالى لتكون لغة القرآن الكريم وتكفل بحفظها لقوله تعالى” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، مشيرا إلى أن حفظ الله لكتابه يعد حفظا للغة العربية ، إذ مدح جل وعلا اللغة العربية واصفا إياها بأنها: “بلسان عربي مبين”

أضاف د. المحرصاوى أن الله شرف اللغة العربية وأعطاها مكانة كبيرة وعظيمة، وبالتالي يجب علينا أن نحافظ عليها.
وأوضح أن الدعوة إلى الحفاظ على اللغة تعد دعوة للحفاظ على الإسلام، مشيرا إلى أن أعداء الإسلام دائما ما كانت هجماتهم موجهة إلى هدم العقيدة، عبر نشر الأكاذيب حول القرآن والرسول، وخلال عملهم وجدوا أن الصلة وثيقة بين الدين واللغة العربية، لذلك وجدوا أن القضاء على العربية فيه قضاء على الإسلام ومن هنا اتجهت محاولاتهم إلى هدم اللغة لأنه بهدمها يهدم الإسلام.
و بين أن اللغة العربية ليست صعبة في تعلمها ، فلو بذلنا مجهودا في استذكارها كما نفعل مع اللغات الاجنبية لصارت سهلة ، فالحكم على صعوبة تعلم اللغة مرهون ومتوقف على بذل مجهود في تعلمها، فاللغة بنت السماع، فلو سمعت صوابا لقت صوابا..ففي الجاهلية كانوا يتقننون اللغة نظرا لأنهم كانوا يستمعون إليها كثيرا ولا يتحدثون غيرها.


ومن جانبه أكد الدكتور أسامة العبد، أن اللغة العربية من أكثر اللغات انتشار على مستوى العالم فهي لغة العبادة لأكثر من مليار مسلم حول العالم.. فهي لغة كل مسلم على مسلم نطق بالعربية او لو ينطقها، وهي اللغة السادسة كما اعتمدتها الأمم المتحدة.. فهي لغة مثمرة وقدرتها كبيرة على نقل العلوم المعارف.. كما أنها ركن من أركان العلوم الثقافية، فهي لغةعذبة وبحمايتها نحفظ أمتنا.


يقول الله تعالى : ” قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ “فلغة القرأن هي لغة رابطة بين الماضي والحاضر والمستقبل، موضحا أن الاستعمار على مر العصور حاول أن يبعد الشباب بل الشيوخ عن لغتهم حتى يقطع بين الناس وبين السنة النبوية المشرفة، ففي دول المغرب العربي مثلا طغت اللغة الفرنسية على اللغة العربية ، بل إن المكاتبات الرسمية تتم بالفرنسية، وبهذا نضيع نحن بأيدينا هيبة اللغة العربية وحقها.

واستنكر د. العبد ، ما يتم تداوله بين الناس من استخدام. لغة (فرانكوعرب) بما يتسسب ذلك في البعد عن هويتنا العربية والإسلامية.


وتقديرا لدور الأستاذ الجامعي في الحفاظ على اللغة العربية أكد العبد أنه قد أصدر قرارا يستهدف المحافظة على اللغة العربية ، وذلك فترة توليه لرئاسة الجامعة ، هذا القرار أكد على ضرورة إلقاء الأستاذ الجامعي لمحاضراته باللغة العربية الفصحى، ومازال هذا القرار يطبق في جامعة الأزهر إلى الآن ، مما يسهل على الطلاب الوافدين فهم دينهم والتعلم بشكل أيسر ،فضلا عن الحفاظ على هويتنا العربية.
وفي ختام كلمته أكد العبد أن وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج لقوانين لضبطها لاسيما وأنها تسهم في ضياع هويتنا فضلاعن كونها عامل هدم داخل الأسرة.


وعن كون اللغة هي الوعاء الحامل للمعاني والثقافات، أكد أ.د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الدكتور محمود الفخراني مساعد وزير الأوقاف لشؤون الامتحانات والتدريب، أن اللغة العربية هي من أهم عوامل تشكيل الهوية، والتأثير في بناء الشخصية، فمن يعرف لسانين ويتكلم لغتين يجمع ثقافتين، ومن يتحدث ثلاث لغات يجمع ثلاث ثقافات، ويقرأ نتاج عقول كثيرة، غير أن لغة الإنسان الأم تظل أحد أهم العوامل في تشكيل ثقافته، فالذي لا يدرك أسرار لغته لا يمكن أن يدرك كنه ثقافة قوم ولا أن يسبر أغوارها، مع خصوصية بالغة للغة العربية، فهي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وفهم الكتاب والسنة فرض واجب، ولا يتم إلا بتعلم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
واختتمت كلمة وزير الأوقاف: “لا ينكر أحد أن التمكن في اللغة باب كبير لحسن فهم كتاب الله (عز وجل) وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، بل إن الأصوليين والفقهاء وغيرهم عدوا التمكن في اللغة العربية وأدواتها أحد أهم شروط الاجتهاد، وبلا شك هو أحد أهم شروط المفسر وشارح كتب السنة، كما أن التمكن في اللغة يؤدي إلى مزيد من ثقة المتحدث بنفسه”.
ومن جانبه أكد الاستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر السابق، ومقرر لجنة النهوض باللغة العربية برابطة الجامعات الإسلامية، أن هذا اليوم هو لله. . فقد كتب الله للغة البقاء فكتابها محفوظ بحفظ الله.. وهي لغة حضارة وثقافة ولغة فكر..
مضيفا أن اللغة العربية اصطفاها الله تعالى لتكون لغة القرآن والسنة، وهذا تشريف عظيم لها ، موضحا أن الهوية تكونها أشياء ثلاثة هي الدين والتاريخ واللغة،وبما أن العربية هي لغة ديننا فإنها بالتالي تمثل ثلثي هويتنا.
وعن براعة التعبير القرآني ضرب الهدهد مثالا قائلا: لو قرأنا قصة ما عن حادثة تحرش أو قرأنا عن بعض أشعار الغزل غير العفيف ستستثار فينا الغرائز ،ولو تدبرنا لو جدنا أن القران الكريم ببراعة ودقة وصف حادثة تحرش تقع من امرأة برجل وذلك في سورة يوسف ، دون أن تخدش حياءنا في رسالة جلية أن عفة اللسان لا تمنعنا من كشف الحقائق ، وأن لغتنا العربية لغة ثرية، داعيا إلى الاعتزاز بهويتنا و بلغتنا العربية.

في حين أكد الأستاذ الدكتور غانم السعيد عميد كلية الإعلام جامعة الأزهر في كلمته أن اللغة العربية شرفها الله دون لغات العالم ، فهي عنوان هوية الأمة العربية، وهي اللغة المقدسة لما يقرب من مليار مسلم، مشيرا إلى أن الله تعالى شرفها على كل لغات العالم لتكون وعاء لكتاب معجز احتوته لفظا ومعنى.
يقول الشاعر حافظ ابراهيم في أبياته:
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

وأوضح السعيد أن استضافة كلية إعلام الأزهر لهذه الندوة يرسل رسالة إلى كل الإعلاميين بأن هناك علاقة تلازمية بين اللغة العربية والإعلام، وأن للإعلام دور مهام في مواجهة التحديات التي تواجهها اللغة العربية.
وعن علاقة الإعلام باللغة العربية أكد ا.د سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة أن حروب الجيل الرابع تستهدف استهدافا مباشرا اسقاط الدول من الداخل دونما دماء أو دبابات، ويتم ذلك عن طريق عزل الشعوب عن تراثها وهويتها ، ولما كانت اللغة هي أحد أركان الهوية فإن التركيز على إضعاف اللغة باتا هدفا واضحا من أعدائنا.


وأضاف الشريف أنه وسط التطورات التكنولوجية للإعلام الجديد تم إنشاء 1345 قناة ناطقة باللغة العربية ، وعقدت الآمال على هذه القنوات للحفاظ على اللغة العربية ، لكن الواقع خيب آمالنا،حيث تم الاهتمام بالهجات المحلية على حساب اللغة العربية ، إذ سعت القنوات الخاصة إلى الربح بعيدا عن الحفاظ على هويتنا العربية، وقد بات ذلك واضحا في اختيار أسماء أجنبية لقنوات ناطقة بالعربية، فضلا عن الاتجاه إلى( إعلام السوق) الذي يقدم محتوى هابط يستهدف المزيد من الإعلانات التجارية، منتقدا محاكاة كثير من القنوات والمذيعين للإعلام الغربي .


وفي نهاية كلمته دعا الشريف الرابطة إلى تنفيذ المقترح الذي تبنته الرابطة بضرورة عمل ( اختبارتويفل) للغة العربية للمقبلين للباحثين في مرحلة الدرسات العليا، حتى يخرج لنا جيل يحترم لغته ويحافظ على هويته.

زر الذهاب إلى الأعلى