تأويلات فاسدة

بقلم د. ثروت حسين ـ وكيل كلية الدراسات الاسلامية للبنات بكفر الشيخ

ونائب رئيس فرع منظمة خريجى الأزهر بكفر الشيخ

تسعى الجماعات المتطرفة بكل قوة لهدم الكيان الإسلامى، وتبديد طاقات رجاله من خلال اعتمادهم على تأويلات فاسدة من أهوائهم فينزلون النصوص فى غير محلها، كاستشهادات باطلة دون أى إشارة واضحة أو قرائن معتمدة من أهل السنة والجماعة فى هذا الشأن، ودون إمعان ونظرة ثاقبة للنصوص بل قراءات سطحية تنم عن جهل مركب بحدود الألفاظ ومجراها الموضوعة له، وبعدا عن المنهج العلمى الصحيح والذى يدعو للموضوعية لا العصبية التى لبست مسموح الدين .

وإن تعجب من ذلك كله فعجب تضارب الآراء لدى أرباب تلك الطوائف وكل يدلى بدلوه تقطيعا لها فضلا عن الرقاب وإسكاتا للألسنة فكل طائفة على حد تعبير الإمام الغزالى تدعى أنها على الحق فمن يملك أن يكفر مسلما ؟ أو أن يصف حاكما بالطاغوت ومجاوزة الحد فى رأيه خروجا عليه ومن ثم إهلاك الحرث والنسل وضياع معالم الدين ،وإذا قيل له ولغيره ممن على شاكلته اتق الله وراجع المذهب الحق أخذته العزة بالإثم .ولكن أين الوجه الأخرالصحيح للإسلام والذى دعا إلى التعاون ،وجمع الكلمة، ومناقشة الأدلة فى ضوء قوله تعالى :”..وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ” .ولكن الحقيقة ضاعت معالمها أمام هؤلاء فانسخلوا منها ورموا الغير ببهتان عظيم بالكفر لأنه طاغوت دون تحليل لتلك الكلمة وما بينها وبين الكفر كمصطلح من تفاوت وبون شاع ،ولماذا يخصص اللفظ بذلك دون غيره .فاليت هؤلاء يفيقون من غفلتهم ويخرجون من كهفهم المظلم بدلا من إضاعة الحقوق، وتبديد معالم الدين. إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون “وباستقراء التاريخ تراهم يحاكون الخوارج فى حكمهم بأن دارهم دار إيمان وماعداهم ديار كفر تلك إذا قسمة ضيزى. فأى عاقل يقول بسفك الدماء واستباحة الأعراض …ألخ مما يترتب على مقولتهم الفاسدة بتكفير ما عداهم  فساد الدنيا قاطبة وواقعهم يحكى حالهم أنهم الأخسرون أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدينا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بغلوهم وتطرفهم ،وانتهاك معالم الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا ،وإن تقطعت بهم الأرض فما بكت عليهم من سفك الدماء عليها وان قاموا وصلوا وحجوا .وما جعل الحكام فى نظرهم الطواغيت على حد تعبيراتهم إلا خلفاء لله تعالى فى أرضه أمناء على شريعته ،وما رأينا أو سمعنا أحدا يجحد الدين ،وما اطلع أحد على إيمانهم وصدقهم فتلك قاسمة الرأى لهؤلاء ،فضلا عن غلق باب الاجتهاد نورا للابصار ومواكبة لأحداث الزمان والمكان بما لايخرج عن الأصلين وما قال أحد بتساوى الاشتراك اللفظى بين العبد والرب فى الحقيقة ، فضلا عن غلق باب القوةالتى  أمر الاسلام بإعدادها فى قوله تعالى “- وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ “ومراجعة أرباب الأمر من خلال التشاور فى آرائهم دليلا ناجعا على تهافت فكرهم  فالحاكم الطاغوت فى نظرهم كافر واتباعه كذلك وغيرهم يستحقون القتل كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاكذبا. ولم تتوفق تلك الحملات المريبة القاتلة من هؤلاء فى أرض وطنهم بل امتدت إلى المجتمع الخارجى حيث أظهروا للعالم صورة قاتمة عن الإسلام وهو منهم براء مما قيد الله تعالى لهم أرباب الحق فى كل عصر ومصر للرد عليهم من أرباب أهل السنة والجماعة على رأس هؤلاء أزهرنا الشريف برجاله فى شتى بقاع الأرض ومن خلال العرض الموضوعى لما بين الكلمتين من توافق أو تعارض يتبين باذن الله تعالى للقارئ الجليل مدى البعد الشاسع بين كلمتى الطاغوت والكفر ،وان حاول البعض قراءتها من خلال اى القران الكريم فاستعمالاته عديدة فلم يؤمنؤن بالبعض ويجحدون البعض الأخر ليا للنص وتحريفا له عن مواضعه متجاهلين كل معالم اللغة والأصول، وضربا لآراء المفسرين وعلماء الكلام وأصحاب العقل المستنير .ومن ثم لاوجود إلا لهم وهذا ديدنهم .ولكن هيهات ههيهات تلك سنة الله فى كونه حيث يقول الله تعالى :-” بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم ….”ومن ثم فقد أضحى غرضكم واضحا والذى لا يصاحبه إلا التكفير كسلاح واهن  للمخالفين لكم وهذا ما كشفته مؤتمرات  الأزهر الشريف لكل العالم أومن يستترون وراء هؤلاء .نسال الله تعالى حفظا للدين ،وتبصرة لذوى العقول ،وهداية لأولى الأبصار متوجها إلى الله تعالى بحفظ مصرنا وأزهرنا الشريف وان يجعله دوما ودائما حصنا منيعا ضد هجمات وأفكار العابثين أو ممن يبغونها عوجا والله من وراء القصد.

زر الذهاب إلى الأعلى