أھﻤﯿﺔ اﻷﺳﺮة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم

بقلم الشيخ / أشرف محمد خضر ـ الواعظ العام بالأزهر الشريف ـ عضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر

 ﯾﻌﺗﺑـر اﻟﻔــرد ﻫــو اﻟﻠﺑﻧــﺔ اﻷوﻟــﻰ واﻟﺧﻠﯾـﺔ ﻓــﻲ ﺑﻧــﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ اﻹﺳــﻼﻣﻲ، وﻣــن أﺟــــل ذﻟــــك ﻛﺎﻧــــت ﻋﻧﺎﯾــــﺔ اﻹﺳــــﻼم ﺑﺎﻷﺳــــرة واﻫﺗﻣﺎﻣــــﻪ ﺑﻬــــﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫــــﺎ اﻟﻣﺣﺿــــن اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺗﻪ، وﻟﯾس ﻫﻧﺎك أﺟدر وﻻ أﺣـق ﻣـن اﻷﺳـرة ﻣﻛﺎﻧـًﺎ  لهذه اﻟرﻋﺎﯾﺔ، وﻗد أﺛﺑﺗـت اﻹﺣﺻـﺎءات اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ أن أﻫـم اﻟﻔﺗـرات ﻓـﻲ ﺣﯾـﺎة اﻟطﻔـل ﻫﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻋﻣرﻩ، وأن طﻔـل اﻷﺳـرة اﻟﻣﺳـﺗﻘرة اﻟﻣﺗواﻓﻘـﺔ ﻏﯾـر طﻔـل اﻷسرة اﻟﻌﺎﻣﻠــﺔ اﻟﻣرﻫﻘــﺔ اﻟﻣﺗﺷــﺗﺗﺔ، ﻛﻣــﺎ أن ﻧﺗــﺎﺋﺞ اﻟﺗﻔﻛــك اﻷﺳــري ﻓــﻲ اﻟﻐــرب ﻛــﺎن سباً ﻟﻠﺗﺷـرد واﻻﻧﺣـراف وﺳـوء اﻷﺧـﻼق.

 واﻷﺳـرة ﻓـﻲ ﻧظـر اﻹﺳـﻼم ﻫـﻲ أﺳـﺎس اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ وﺧﻠﯾﺗــﻪ اﻷوﻟــﻰ، ﻫــﻲ ذات ﻛﯾــﺎن داﺋــم ﯾــراد ﻟــﻪ اﻟﺳــﻣﻌﺔ اﻟطﯾﺑــﺔ واﻟوﺋــﺎم واﻻﺳـﺗﻘرار وﻣــن ﻫﻧــﺎ ﻛﺎﻧــت اﻟﻌﻧﺎﯾــﺔ ﺑﺗﻘوﯾــﺔ اﻷﺳــرة ﻣــن أﻫــم ﻣــﺎ ﯾﺟــب ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺻــﻠﺣﯾن رﻋﺎﯾﺗﻪ وأﺧذ اﻟطرﯾـق إﻟﯾـﻪ، وﻻ ﯾﻛـون ذﻟـك إﻻ ﺑﺗـوﺧﻲ اﻟﻣﺑـﺎدئ اﻟﻘوﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾﺷـﺎد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺻرح اﻷﺳرة وﺗﺿﻣن ﻟﻬﺎ اﻟﺑﻘﺎء واﻟﻧﻣﺎء ﻗوﯾﺔ ﻣﺛﻣرة .

ولقد كانت الأسرة عند غير المسلمين مُحطّمةً باستمرارٍ، فلمّا جاء الإسلام حرص أشدّ الحرص على إرسائها وتثبيتها وصيانتها من كُلّ ما يؤذيها، كما حافظ على تماسكها بإعطاء كُلّ فردٍ منها دوراً مهمّاً في حياته، فقد أكرم الإسلام المرأة؛ سواءً كانت أمّاً أو بنتاً أو أختاً، وأعطاها حقّها في الميراث وفي غيره، وجعل لها حقوقاً كالرجل في أمورٍ كثيرةٍ، كما أوصى بالزوجة، وأعطى للمرأة حريّة اختيار زوجها، ورتّب عليها مسؤوليّةً كبيرةً في تربية الأبناء، فقد أمر كلاً من الأمّ والأب بالقيام بمسؤوليتهما في تربية أبنائهما، ثمّ حرص على غرس مبدأ احترام الوالدين وتقديرهما والقيام برعايتهما وطاعة أمرهما، وكذلك فقد حمى الأسرة في عفّتها وطهارتها ونسبها؛ بالتشجيع على الزواج والمنع من الاختلاط بين الرجال والنساء، وهكذا كان لكُلّ فردٍ من الأسرة مهمّته الخاصّة؛ فالآباء والأمّهات يربّون الأبناء تربيةً إسلاميّةً، والأبناء يطيعون الآباء ويحفظون حقوقهم على أساس التقدير والاحترام، ومن هنا ظهرت النتيجة في تماسك الأسر في المجتمع المسلم .

حرص الإسلام على تحقيق الاستقرار في الأسر المسلمة من خلال مجموعةٍ من الأحكام الشرعيّة، ومنها:-

ضيّق الإسلام سُبُل الطلاق بين الزوجين؛ وذلك للحفاظ على الأسرة والمجتمع.

أباح الإسلام التعدّد في الزوجات شريطة العدل بينهنّ.

حذّر الإسلام من الاستجابة السريعة للعواطف والنزوات، فالزوج قد يشعر أحياناً بشيءٍ من النفور تجاه زوجته، لكنّه سرعان ما يذهب، ولهذا فلا يصحّ أن يسارع الزوج في الطلاق.

حثّ الإسلام الزوجين على البحث عن سُبُل حلّ خلافاتهما عند حدوث ذلك,
كما أن الأزهر  الشريف ومؤسساته لم تقف مكتوفة الأيدي أمام ظاهرة الطلاق الخطيرة، التي لا تهدد استقرار الأسر المصرية بشكل مستقل فحسب، بل تهدد استقرار المجتمع بأكمله وتبدد مقدراته؛ كون الأسرة المستقرة أساس كلّ مجتمع آمن، واكبر دليل علي ذلك مبادرة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بإنشاء “وحدة لم الشمل” التي تدخلت في عشرين ألف نزاع أسري(20000) في الفترة من 2018حتى أول ديسمبر/2020.

حفظ الله مصر.

حفظ الله الأزهر الشريف.

زر الذهاب إلى الأعلى