د.عبد الرحمن سرحان يكتب: مكانة العلم في الإسلام وأثره في تقدم الأمم ومسئوليتنا نحوه

الإسلام هو أول من حارب الأمية والجهل، ودعا إلى العلم والتعلم،ورفع مكانة العلم وأهلِه،حيث كانت أولُ الآيات التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾، لم يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستزادة من شيء إلا من العلم: فقال له سبحانه وتعالى:((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ((.  ؛  أوجب النبي صلى الله عليه وسلم العلم على كل مسلم: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَوَاضِعُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَالذَّهَبَ»  . وعن ابن عباس قال: كان ناس من الأسرى يوم بدرٍ لم يكن لهم فداءٌ، فجعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فداءَهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابةَ، قال: فجَاء يوماً غلامٌ يبكي إلىِ أبيه، فقال: ما شأنُكَ؟، قال: ضربني معلمي، قال: الخبيث! يطلب بذحْلِ(بثأر) بدرٍ! والله لا تأتيه أبداً”.  ، إن العلم ميراث الأنبياء والرسل عليهم السلام:فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرِثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ، أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ». ، وإن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا: أما في الآخرة :فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلي الله عزَّ وجلّ والعمل بما عملوا، وفي الدنيا: يرفعهم الله بين عباده بحسب ما قاموا به، قال الله تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ).

وإن للعلم أثر بالغ الأهمية في تقدم أى أمة،و أى حضارة، فبالعلم يتفاضل الناس، وبالعلم تتفاضل الأمم؛ قال تعالى ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ).

وللعلم أهمية كبيرة،و آثار كثيرة في تقد الأمة ،منها:القضاء على المشكلات التي تواجه البشرية:

فمن المعروف أن مصر تواجه نقصًا حادًا في المياه الصالحة للاستخدام الآدمي، والزراعي، وبفضل التفوق العلمي استطاعت تحلية مياه البحر، واستطاعت تدوير المياه الغير صالحة للاستخدام حوالي أربع مرات، واستطاعت استنباط محاصيل زراعية لا تحتاج لمياه كثيرة، واستطاعت استخدام الأساليب الحديثة للري…الخ.

وحسن استغلال الموارد والثروات،وحسن إدارتها، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج: ونجد ذلك في بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، والصين، والدول الأوربية…الخ، حتى أصبحت هذه الدول في مصاف الدول المتقدمة بل لها المكانة الأولى بينها.وعلى النقيض من ذلك نجد الكثير من الدول الإفريقية تمتلك ثروات طبيعية وموارد لا حصر لها، ومع ذلك يعيش أتباعها ورعاياها تحت خط الفقر والحاجة، وما ذلك إلا بسبب التأخر العلمي، فضلًا عن تفشي الجهل، وانعدام التعليم من أساسه. و أن التعليم أصبح في عصرنا الآن من ضروريات الحياة, والتقدم العلمي والتقنى في العالم الآن يوجب على المسلم أن ينهض بدينه، ووطنه,وأبناؤنا أمانة في أعناقنا، وسوف نسأل عنهم يوم القيامة بين يدى الله عز وجل ,وإن التفريط في تعليم أبنائنا بلا سبب جريمة تُرتكب في حقهم,و الإهمال في تربيتهم على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم طريق للبعد عن الجنة: فعن مَعْقِل بْن يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ” ,فاتقوا الله في أبناءكم،اتقوا الله فيمن أنتم مسؤولون عنهم،اتقوا يوما تقفون فيه أمام ربكم ويسألكم عن ذريتنكم ماذا قدمتم لها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

ختاماً:  الإسلام هو دين العلم، والإسلام بتعاليمه وقِيَمه لم يكن في يوم من الأيام مانعًا من تطوُّر أتباعه وارتقائهم بين الأمم، كما لم يكن سببًا في انتشار مظاهر الكسل والتواني بينهم، لذا فالواجب على أتباع هذا الدين الحنيف أن يكون لهم السبق والريادة في كلِّ ميادين العلم والمعرفة ، ليأخذوا مكانهم الصحيح بين الأمم.

اللهم اجعلنا ممن لهم السبق والريادة في كلِّ ميادين العلم والمعرفة،إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات

الكاتب / عضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بمطروح

زر الذهاب إلى الأعلى