أرض الفيروز وملحمة النصر

     على أرض الفيروز تجلت الملحمة الوطنية والتى لم تفرق بين جندى وأخر ،فالكل هدفه وغايته واحدة ألا وهو رد العدوان والحصول على أرض الوطن ،وساند الجميع الجميع بل نقلت الدماء من شريانهم إلى قلوبهم كلهم فى إطار واحد ينادون خالقهم بنصرهم ،ومن هنا نكص العدو على عقبيه وعاد أدراجه الى كهوفه فى جو كان الاتحاد رائدهم ،والصف الواحد ديدنهم ،وأدرك  الأخر أنه يحارب أفئدة لو استقبلت الجبال لأزالتها وهذا ما محى الساتر الترابي ،والخط المنيع فى نظرهم والذى أصبح سرابا ماله من قرار ورفع الجميع العلم على أرض سيناء، وإن تعجب من ذلك فعجب فعل المصريين والذى تجلى فى حمل البعض للبعض تضميدا للجروح، بل تناول بصدره كل الطلقات ليحمى غيره .وتمثل الجميع قول شاعر النيل حافظ ابراهيم  :-  أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي                لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي

                        ما رَماني رامٍ وَراحَ سَليماً                      مِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندي

                          كَم بَغَت دَولَةٌ عَلَيَّ وَجارَت                      ثُمَّ زالَت وَتِلكَ عُقبى التَعَدّي

      وقد تجلت روح العلم بالأخذ بأسبابه والإيمان بالنصر من عند الله  فى تلك المعركة الفاصلة فكان جندنا الكرام على درجة عالية من الكفاءة القتالية، واستيعاب نظام الحرب، واستعمال الأسلحة التى قلبت موازين المعركة ،فاستطاع سلاح الطيران قلب موازينهم بشقه للسماء ودكه لحصونهم  ،وملأ المشاة الأرض ثباتا  بتكبيرات الإيمان إنهم أسود القتال وما أمر صائد الدبابات عن العالم ببعيد كما تجلى العلم بسريان  قواربهم المطاطية عبورا للقناة ،وغاصت الضفادع البشرية أرض القناة دون مبالاة  لأى شى فعبر الكل من شاطئ إلى شاطى قدموا أرواحهم فداء لوطنهم الغالي وتلك  نفحات رمضان يوم العاشروالتى أكد البعض فطرهم المشهود -باذن الله – بالجنة وتلك الأحداث بفورها سجلت احترام العالم كله للجندى المصرى كدرع وسند قوى وها هو يجسد ذلك عمليا إلى وقتنا الراهن يبنى ويحمى فى وقت واحد  بجسارة عالية ودون تكاسل عامدا لإبراز مكانة بلاده عالية .

    وقد سجل التاريخ دور رجال الأزهر الشريف فى هذا المجال وشرفهم فى مجاورة ومساعدة جنودنا البواسل بالكلمة الطيبة ومنهم فضيلة  الإمام الأكبرِ حسن المأمون والذى قام بزيارة الجبهة عام 1968 وعقد ندوات للجنودِ بالوحدات العسكرية، رغم ظروفه الصحية قائلا: «لعلى أُغبِّرُ قدميَّ فى سبيل الله، قبل أن ألقى ربي.. أعيشُ هذه اللحظاتِ بين الصامدين والمجاهدين فى الجبهةِ».  وغيره من مشايخ الأزهر الشريف ومنهم شيخنا وإمامنا فضيلة د عبدالحليم محمود صاحب الرؤيا المنامية بنصر الله لجندنا  والذى تفرغ للمساهمة فى تثقيف الجنود وحثهم على نيل الشهادة لاسترداد كل ذرة من ذرات ترابه،  والعمل على تأهيل المجتمع لتحمل تبعات الحرب حتى النصر.

     ولئن سئلت عنهم لقلت بلسان قوى  وقلب ثابت إنهم  خير أجناد الأرض فتش عن هذا عبر العصور المختلفة بين الزمان والمكان لن تجد إلا قلوبا متألفة وللحق صادعة .ومن شهادة الغير تلمح ذلك الترابط والذى قضى على كل هوى أو عصبية. بارك الله جندنا وحفظ وطننا الغالي .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم د.ثروت حسين سالم / وكيل كلية الدراسات الاسلامية للبنات بكفرالشيخ

ونائب رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر بكفر الشيخ.

على أرض الفيروز تجلت الملحمة الوطنية

زر الذهاب إلى الأعلى