“الأزهر للفتوى” يقدم حكاية كتاب “أدب المفتي والمستفتي” للحافظ ابن الصلاح

كتبت- زينب عمار:
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن مؤلف الكتاب هو الإمام الفقيه الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشَّهْرُزُوْرِيّ الشافعي، المعروف بابن الصلاح، المولود سنة577هـ في بلدة شرخان من أعمال أربيل -إحدى مدن العراق حاليًّا، وقد تفقَّه الإمام على يد والده، كما تنقل بين الموصل وبغداد ونيسابور وحلب ودمشق وخراسان؛ متلقيًا العلم عن جمعٍ من مشايخ تلك البلدان، على رأسهم أبو جعفر عبيد الله بن أحمد البغدادي المعروف بابن السمين، وهو أقدم شيخ له، حيث نبغ رحمه الله في عددٍ من العلوم كالحديث والفقه التفسير واللغة؛ مما أهَّله للتدريس في عددٍ من المدراس في البقاع الإسلامية؛ كالمدرسة الناصرية بالقدس، والرواحية بحلب، ودار الحديث بدمشق، وانتفع به خلق كثيرون.

أضاف “العالمي للفتوى” أن الكثير من العلماء قد شهدوا بسعة علمه وفقهه، وسداد فتواه؛ وقال عنه ابن خلِّكان: «كان أحدَ فضلاء عصره في التفسير، والحديث، والفقه وأسماء الرجال، وما يتعلق بعلم الحديث، ونقل اللغة، وكانت له مشاركة في فنون عديدة، وكانت فتاويه مسددة، وهو أحد أشياخي الذين انتفعت بهم» [وفيات الأعيان (3/243)]، وتوفي الإمام ابن الصلاح صبيحة يوم الأربعاء، 25 ربيع الآخر سنة 643هـ بدمشق، رحمه الله رحمةً واسعةً.

أوضح “العالمي للفتوى” أنه لا تخفى حاجة الناس الضرورية في كل زمان للفتوى؛ لما لها من دور في ضبط المجتمعات واستقراها وتقدمها، وحفظ قيمها وأخلاقها، وهو ما استشعره الإمام ابن الصلاح من حاجة زمانه وكل زمان إلى ضبط شأن الفتوى وتذكير الناس بآداب المفتي المجيب، والمستفتي السائل؛ فصنّف هذا الكتاب القيّم، واطلع رحمه الله على ما ذكره السابقون عن آداب المفتي والمستفتي كالصيمري والماوردي والخطيب البغدادي وغيرهم؛ فاستفاد من كتاباتهم، وجمع في كتابه شمل نفائس التقطها من خبايا الزوايا، وخفايا الزوايا؛ بأسلوب بارع، وعرض متقنٍ يدل على سعة ثقافته وإحاطته بالمادة التي يُصَنِّف فيها.

و أورد المؤلف كتابه في نحو مائة صفحة، اتسمت بصياغة مُحْكَمة، وتوظيف دقيق للعبارات، ساق خلالها العديد من الأمثلة، التي بدا فيها مدى تأثّره بمذهب الإمام الشافعي، وترجيحه آراءه على غيره من المذاهب في المسائل الخلافية، وجمع في كتابه بين أسلوب المحدثين والفقهاء؛ فنقل الأقوال مسندة، وضبط ألفاظ الروايات، كما أورد بعض المسائل الفقهية، وآراء الفقهاء المختلفةَ فيها، مرجِّحًا بينها، ومُعلِّقًا على بعضها، وقد بدأ المؤلف كتابه ببيان بعض المصطلحات المتعلقة بالفتوى؛ كالإفتاء، والمفتي، والاجتهاد، ونَقَل أقوال السابقين فيها، ثم بَيَّن خطر الفُتيا، ووجوب تَثَبُّت المفتي من فتواه مع سعة علمه وتمكنه في فنه، ثم ساق جملة من دلائل ورع كبار المفتين عند حديثهم في الفتيا، و حذرهم من نسبة الأقوال لغير قائليها، أو وصف الأمور بغير حقيقتها.

زر الذهاب إلى الأعلى