متى تحسم الجدلية العلمية بين علماء الفلك وعلماء الشريعة الإسلامية

        حول بدايات ونهايات الشهور القمرية .. وتحديداً شهر رمضان المبارك  بحكم أن صيامه.. ركن من أركان الدين الإسلامي الحنيف

            ( إذ مدار ذلك  على رؤية الأهلة ) .. قال تعالى :  ﴿  يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج  ﴾ 

بقلم المستشار :  عبدالسلام مهاجر قريره

 لما كان علم الفلك القديم الحديث يعد من العلوم المهمة ذات الصلة المباشرة بحياة الإنسان ، بل وجميع المخلوقات التي هيأ الخالق سبحانه وتعالي لها سُبل الحياة فوق  الأرض التي جعلها الله أكثر ملاءمة من غيرها من الأجرام والكواكب الأخرى ، إن لم نقل في علمنا المحدود أن الأرض وحدها الصالحة لحياة الإنسان والحيوان والنبات ،

 لما أودع الله فيها من أسرار ، وما وفر فيها من مقومات أساسية للحياة من هواء وماء وغذاء وغيرها .

قال تعالي : (  والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيئ موزون ، وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ، وإن من شيئ إلا عندنا خزائنه وماننزله  إلا بقدر معلوم ، وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين )  الحجر .

وقال تعالي : ( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها )  فصلت ،

وقال تعالي :   ( ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيها من دابة )  الشوري ،

وقال تعالي : ( والأرض وضعها للآنام ) الرحمن ،

وقال تعالي : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف اليل والنهار لآيات لأولى الألباب )  آل عمران ،

وقال تعالـــــي : ( ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك) آل عمران ،

إلي آخره من الآيات القرآنية المبينة لعظمة الآيات الكونية التي تدل عظمتها على عظيم عظمة خالقها ،

 والتي يعجز العلماء عن معرفة كنهها والأسرار المودعة فيها ما لم يوفقهم الله بتوفيق من عنده ، ويمن عليهم بومضة من ومضات نور علمه ، ويفيض عليهم بفيض من أسرار ملكوته بفتح بصائرهم مثلما فتح أبصارهم ، بتفهمهم للآيات القرآنية الموضحة للآيات الكونية في أسلوب بديع يتمثل في الإعجاز القرآني

قال تعالي : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )

بدلاً من مجادلتهم العقيمة عن جهل بما يدعونه من علم في منأى عن الآيات القرآنية ، بما يجعل مجادلتهم لاتهدى للحق ولاتوصل للحقيقة ،

 قال تعالي :  ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير )  الحج .

ولما كانت الأرض وما فيها من مقومات تجعل الحياة فوقها للكائنات الحية سهلة ميسرة ، فقد جعلها الله وثيقة الصلة  بالشمس والقمر اللتين قد لاتستقيم الحياة على الأرض بدونها ، واللتين هما من الآيات الكونية العظيمة لدرجة جعلتهما محل قدسية وعبادة من قبل ذوي العقول التي أدركت المخلوق ولم تدرك خالقه ، لعماء بصائرهم عن الحق والحقيقة ،

قال تعالي :  ( لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل ) الأعراف ،

 على خلاف من كانت بصيرته مستنيرة بنور الإيمان الباحث بها عن الهداية لرب السموات والأرض الذي لم يوقن بأن الكواكب التي تزول من حين لآخر تكون هي الرب ، ذلك هو سيدنا إبراهيم عليه السلام ، الذي قال الله تعالي عنه : 

( وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقينين ، فلما جن عليه اليل رأى كوكبا قال هذا ربى ، فلما أفل قال لا أحب الآفلين ، فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربى ، فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر ، فلما أفلت قال ياقوم إني برئ مما تشركون )  الأنعام .

وجعل الله آياته الكونيه ليريها لعباده في الآفاق  وفي ذات أنفسهم ليوقنوا أن الله هو المنشئ والمبدئ ، وليعلموا أنه الخالق المبدع الحكيم ،

قال تعالي :  ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق )  فصلت ،

وجعل الشمس والقمر أساساً لمعرفة الليل والنهار فوق سطح  الأرض  ، المنتظمة حركة دورانها حولهما انتظاماً دقيقاً بالشكل الذي يجعل الحياة منتظمة هي الأخرى وفق ماقدره الخالق العزيز الحكيم ،

قال تعالي :  ( وآية لهم اليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ، والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون )   يس ،

وغيرها من العديد من الآيات القرآنية الموضحة لعظمة الآيات الكونية التي لايتسع المقام لمزيد سردها ،

ولما كان أهم ما يعتمد عليه  في رؤية الأهلة من تلك الآيات الكونية التي توضحها الدراسات العلمية في مجالات علم الفلك الذي لسنا على دراية به ، مثلما لعلماء الفلك من دراية واسعة وإلمام شمولي بتفريعاته العلمية ، نعتقد أنها الأرض والشمس والقمر ،

والتي  هي بطبيعة الحال لها صلة مباشرة بإنتظام عد الأيام والشهور على مدار السنة التي تنحصر شهورها القمرية في إثنا عشر شهراً

قال تعالي : ( إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ) التوبة ،

والتي لايعرف عدد السنين إلا من خلال دورتها السنوية المرتبطة بتلك الكواكب ،

قال تعالي : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق نفصل الآيات لقوم يعلمون )   يونس .

ومثلما تكون حركة دوران الأرض حول الشمس مسببة لبداية النهار مع لحظة الشروق ونهايته مع لحظة الغروب ،

فهي مسببة أيضاً لبداية الليل ونهايته ،

قال تعالي : ( ألم تر أن الله يولج اليل في النهار ويولج النهار في اليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ) لقمان  

بأن جعل في كل لحظة يوجد فيها شروق وغروب للشمس فوق الكرة الأرضية ،

قال تعالي : ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون ) المعارج ،

كذلك تكون حركة دوران الأرض مع القمر مسببة لبدايات ونهايات الشهور القمرية التي يتخذ منها الناس مواقيتاً لعباداتهم ومعاملاتهم،

 قال تعالي : ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )   البقرة.

ومع نهاية أخر شهر من تلك الشهور تتحدد بداية كل عام ، على مر السنين بدقة متناهية لايعلمها إلا الله والراسخون في العلم ، الذين من بينهم في هذا المجال علماء الفلك .

* ولما كانت التقويمات الفلكية للشهور القمرية التي تصدرها مراكز العلوم الفلكية بمختلف الدول ،  أصبح يعتمد عليها في الإعلان عن بداية الشهور القمرية ونهايتها ، والتي هي أي الشهور القمرية بطبيعة الحال لها علاقة مباشرة بالعقيدة الإسلامية من حيث إرتباط المسلمين بها إرتباطاً وثيقاً في عباداتهم ومناسباتهم الدينية سيما العبادات التي تتوقف صحة أدائها أو فسادها وبطلانها شرعاً على بداية ونهاية بعض تلك الشهور ،

سواء من تلك العبادات ما هو  متعلق بحركة الأرض حول الشمس وتؤدى يوميا كالصلاة : المفروضة على المسلمين خمس مرات في اليوم والليلة ،

قال تعالي : ( أقم الصلوة لدلوك الشمس إلي غسق اليل ) الأسراء ،

والتي عملت المراكز الفلكية ببعض الدول الإسلامية على إعداد التقويم الفلكي المحدد لمواقيتها بمختلف مدن العالم بدقة متناهية تغني المصلين عن تحديد دخول أوقاتها بالطرق البدائية  ،

كقياس طول الظل في وقتي الظهر والعصر ، ومراقبة لحظة غروب الشمس في وقت صلاة المغرب ، ومغيب الشفق الأحمر في وقت صلاة العشاء ، والتعرف على طلوع نور الفجر الصادق في وقت صلاة الصبح ،

 والتي جميعها قد لاتتأتي معرفتها وتحديدها بالدقة المطلوبة في كثير من الأحيان التي تكون الأجواء فيها تعتريها المؤثرات الجوية الحاجبه للرؤية كالغيوم ، والسحب ، والأمطار ، وما في حكمها ،

*  أو ماهو متعلق منها بحركة الأرض حول القمر ويؤدى سنوياً كصيام شهر رمضان ،

 الذي تتوقف صحة صيامه على رؤية الهلال في بداية الشهر ونهايته لقول النبي صلي الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأقدروا له ) .

* وكحج بيت الله الحرام ، الذي تتوقف صحته على تحديد يوم عرفة الذي لايصح الحج إلا بالوقوف فيه ، حيث وقوف الحاج في غير هذا اليوم يترتب عليه بطلان الحج وفساده ، لقول النبي صلي الله عليه وسلم ( الحج عرفه )

 والذي لايتأتى تحديده إلا من خلال ثبوت رؤية هلال شهر ذي الحجة

       كما أن تحديد رؤية هلال شهر شوال فضلاً عن أنها تعد أساساً في تحديد يوم عيد الفطر ،

تعد  أساساً أيضاً لصحة الركن الأول من أركان الحج وهو نية الإحرام ،

 بإعتبار ميقاته الزماني ، أي الاحرام ، يبدأ من أول يوم من شهر شوال ، ويقع باطلا الإحرام ماقبل ذلك ،

*   وكالزكاة التي يشترط لوجوبها شرعاً مرور الحول على وقت ملك النصاب لبعض ما تجب فيه من النقدين ، والماشية ، وأموال التجارة وغيرها .

*  أو ما هو متعلق من تلك العبادات بغير أركان الإسلام كالعبادات التي تتوقف صحتها على الإحتساب بعد الشهور ، كبعض الكفارات مثل كفارة الظهار ،

 قال تعالى : ( والذين يظّهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين )  المجادلة  ،

وكذلك كفارة القتل ، وكفارة الفطر في شهر رمضان ، والمحددة شرعاً بصيام شهرين متتابعين ،

وكتحديد مدد العدة المحددة شرعاً في كتاب الله ، سواء كانت عدة طلاق ، وهي ثلاثة أشهر  لليائسات من النساء .

 قال تعالى :  ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) الطلاق ،

 أو عدة وفاة ، وهي أربعة أشهر وعشراً ،

 قال تعالى :  ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا )   البقرة ،

وذلك  لغير ذوات الحمل ، المحددة عدتهن بوضع حملهن ،

 لقوله تعالــى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) ،

إلى غير ذلك من العبادات والمناسبات الدينية التي يتوقف تحديدها وصحة أدائها على ثبوت رؤية الأهلة للشهور القمرية .

• ولقائل أن يقول إن ما يتعلق بثبوت رؤية هلال ذي الحجة الذي يتوقف عليه تحديد يوم عرفه ، يخضع أمره للدولة التي بها الأراضي المقدسة ويتم تسليم عامة المسلمين بما هي تحدده ،

 وكذلك تحديد الميقات الزماني للإحرام بالحج ليس بالضرورة أن يكون في أول يوم من شوال .

كما أنه يمكن الإستعاضة في صيام الكفارات وعد مدد العدة ، بالإحتساب بالأيام بدلاً من الشهور ، وهلم جر بشأن غيرها من العبادات الأخرى المرتبط أداؤها بالشهور القمرية .

إلا أنه مع ذلك سوف لن يستطيع أن يقول أي قائل يتم الإعتماد على الإحتساب بالأيام دون الشهور ، فيما يتعلق ببداية ونهاية شهر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام ، ويتوقف صيامه صحة وبطلاناً على رؤية هلاله في أوله ، وهلال شوال في آخره .

• وبذلك يكون صلب موضوع بحثنا هذا هو : كيفية ثبوت رؤية الهلال في بداية ونهاية شهر رمضان ، التي لا قبول للجدلية بشأنها لإجماع أهل العلم على أن الشهر يثبت بداية ونهاية ، برؤية الهلال .

• وحيث أن مراكز علم الفلك ببعض الدول الإسلامية أصبح يعتمد عليها في الإعلان عن حلول شهر رمضان ونهايته ،

وأن بعضها أعتمدت في رؤية الهلال على لحظة ميلاده سواء كانت نهارية أو ليلية وأعتبرت الفيصل في بداية اليوم ، هو وقت آذان الفجر ،

بمعنى أنه إذا ولد هلال شهر رمضان قبل وقت الفجر ، ولو بدقائق محدودة يكون اليوم الذي بدأ مع إشراقة نوره هو أول يوم من شهر رمضان ،

وكذلك الحال بالنسبة لهلال شهر شوال وهلم جر لباقي شهور السنة القمرية المعروفة والمحددة في قوله تعالى :

 ﴿  إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم  ﴾ التوبة .

والمعروف بداهة أن اليوم مقسم إلى ليل ونهار ،

 قال تعالى : ﴿ وسخر لكم اليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ﴾ النحل . 

      إلى غير ذلك من الآيات التي لا يتسع المقام لسردها لكثرتها والموضحة لآيتي الليل والنهار والآيات الكونية الأخرى ،

 والمبينة أنه لولا وجود الشمس والقمر لما عرف الليل والنهار، ولما عرف عد الأيام والشهور والسنين ،

 قال تعالى : ﴿  هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق نفصل الآيات لقوم يعلمون ، إن في إختلاف اليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون ﴾  يونس .

 وقال تعالى : ﴿ وآية لهم اليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ﴾  يس .    

 وبذلك يكون اليوم مكون من ليل ونهار ، يبدأ الليل من غروب الشمس وينتهي مع طلوع الفجر ، ويبدأ النهار من لحظة طلوع الفجر وينتهي لحظة غروب الشمس .

بما يجعل الصوم محدد وقته بالنهار ، منذ لحظة بدايته وهي طلوع الفجر الصادق وحتى لحظة نهايته وهي لحظة غروب الشمس .

      قال تعالـــى : ﴿ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى اليل  ﴾  البقرة

 وإن الإعتماد من الناحية الشرعية في وجوب صوم شهر رمضان يتوقف أساساً على رؤية الهلال مع لحظة غروب شمس اليوم التاسع والعشرون من شهر شعبان لقول النبي صلى الله عليه وسلم

( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً ) ،

كما أن الإعتماد في إنتهاء الشهر من عدمه يتوقف على رؤية الهلال مع لحظة غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان ،

 وفي حالة عدم ثبوت الرؤية يتم إتمام عدة شهر رمضان ثلاثين يوماً أيضاً .

 وهذا ما يتعارض معه السياق الذي أعتمدته بعض المراكز الفلكية ، من كون ثبوت الرؤية مقترنة بلحظة ميلاد القمر وإتخاذ لحظة طلوع الفجر هي المعيار في بداية اليوم ،

• وذلك ما نراه لايتوافق مع القاعدة التي يعتمد عليها علماء الشريعة الإسلامية في ثبوت رؤية الأهلة للشهور القمرية من عدمها ،

 والتي يبنى عليها الحكم الشرعي في تحديد اليوم الأول من كل شهر إثباتاً ونفياً ، وهي لحظة غروب الشمس التي يتضح من خلالها عما إذا بقي الهلال فوق الأفق لحظة غروبها ، أم أنه غرب قبل ذلك وصار تحت الأفق لا فوقه .

بحيث في حالة بقائه أي الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس ولو لبرهة زمنية يكون اليوم التالي هو أول أيام الشهر الجديد ،

 وفي حالة غروبه أي الهلال قبل الشمس بأن يصير تحت الأفق يكون اليوم التالي متمم لعدة الشهر المعاش .

• وهنا يأتي دور المراكز الفلكية المتخصصة التي تمتلك الوسائل العلمية التي تمكن من رصد ورؤية  الهلال في كل الظروف التي يصعب معها على الرائي بالعين المجردة مشاهدته لحظة الغروب

      سواء لوجود السحب والغيوم أو ما في حكمها من المؤثرات المناخية الحاجبة للرؤية ،

أو لطغيان  أشعة الشمس على نور الهلال بما يجعل رؤيته بالعين المجردة مستحيلاً ،

ليقول علماء الفلك بتلك المراكز كلمتهم الفاصلة في الموضوع التي توجب على علماء الشريعة الأخذ بها ، وذلك من حيث عما إذا بقي الهلال فوق الأفق ولو لبرهة زمنية بعد غروب الشمس ، أم أنه غرب وصار تحت الأفق لحظة غروب الشمس .

وفي الحالة الأولى : /  وهي تأكد بقاء الهلال فوق الأفق ولو لبرهة زمنية بعد غروب الشمس ، يكون اليوم التالي هو أول يوم من أيام الشهر الجديد ، رمضان أو غيره ،

ويجب شرعاً في حالة ما يكون ثبوت الرؤية متعلق بهلال شهر رمضان صوم عامة المسلمين الذين يقيمون بالقطر الذي ثبتت به الرؤية ،  ومن لا يصوم في اليوم التالي يجب عليه القضاء والكفارة ،

وفي حالة ما تكون الرؤية متعلقة بشهر شوال يجب الفطر في اليوم التالي ومن لا يفطر يعد صائماً ليوم العيد الذي هو محرم شرعاً صيامه .

وفي الحالة الثانية : وهي تأكد عدم بقاء الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس يكون اليوم التالي متمم لعدة الشهر المعاش شعبان أو غيره  ،

ولا يجب الصوم إذا كانت الرؤية متعلقة بشهر رمضان ، كما لا يجب الفطر إذا كانت الرؤية متعلقة بشهر شوال .

وفي الحالة الأخيرة التي يعتمد في تحديد وقت ثبوت رؤية الهلال فيها من عدمها على لحظة غروب الشمس ، يتوافق فيها الرأي العلمي الشرعي مع الرأي العلمي الفلكي ،

 حيث العلم الشرعي يوجب لثبوت بداية الشهر بقاء الهلال فوق الأفق لحظة غروب الشمس ،

والعلم الفلكي يستطيع تحديد ذلك بالوسائل التي تعجز عنها الرؤية البصرية بالعين المجردة ،

وبذلك فإن الشرع لايتعارض مع العلم متى ماطبق بطريقة صحيحة في شتى مجالاته ،

بل  الشرع يدعوا للعلم  ويحث من لايعلم على طلبه لدى من يعلم ،

قال تعالى :  ﴿ فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون ﴾ ،

إلى غير ذلك من الآيات التي تدعوا للعلم  وللتعرف على ملكوت السماوات والأرض وما فيهما من آيات كونية ،

 قال تعالى : ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾ ، وقال  ﴿ وفوق كل ذي علم عليم  ﴾   . 

• وقد يقول قائل إن علماء الشريعة الإسلامية لا يأخذون برأي علماء الفلك في مسألة تحديد رؤية الأهلة ، ويعتبرونه ضربا من التنجيم ولايعتدون إلا بالرؤية البصرية بالعين المجردة ، مستدلين في ذلك بمقولة  ( كذب المنجمون ولو صدقوا )

• بغض النظر عن موضوع الخلاف بشأنها عما إذا كانت حديثاً شريفاً أو قولاً مأثوراً ،

وأنهم يقولون إن في الأخذ بالعلوم الفلكية تكليف للناس بما هو فوق طاقتهم ، وذلك ما يتعارض مع الآية الكريمة 

 ( لايكلف الله نفساً إلا وسعها ) ،

*  ذلك أمر مردود عليه بأن من ينسبه لعلماء الشريعة الاسلامية ، فهو غير عالم بالشريعة ولاعارف لعلمائها ،

وإذا قاله بعض أدعياء تعلم علوم الشريعة يوجه له

القول : ياهذا الذي تدعى علماً لقد علمت شيئاً وغابت عنك أشياء ،

بما يجعله من أنصاف المتعلمين وليس من علماء الشريعة الإسلامية ،

وأن إلا ستدلال بالقول ( كذب المنجمون ولو صدقوا )

 على افتراض أنه حديث شريف ، أو بالآية الكريمة ، لايكلف الله نفساً إلا وسعها ، وما في حكمها من مثل هذه الاستدلالات ،

 فهو لايعدو عن كونه قولاً قد قيل ممن ينزلون الكلم في غير مواضعه ، عن جهل منهم ،

قال تعالى : ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولاهدى ولا كتاب منير ) .

حيث علم الفلك يختلف اختلافاً كلياً عن التنجيم والرجم بالغيب ، الذي يمارسه السحرة والمشعوذون والدجالون والكهنة ، الذين يحرم الشرع التعامل معهم وتصديقهم في ادعاءاتهم الكاذبة  قال رسول الله صلي الله عليه وسلم

 ( من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد)

وأن من يقول بأن في علم الفلك تكليف للناس بما هو فوق طاقتهم بشأن تحديد رؤية الأهلة ، فالأمر عكس ذلك تماماً ،

 حيث علماء الفلك باستخدامهم للوسائل العلمية يكونوا قد يسروا على الناس مشقة ذلك ليوضحوا لهم بعلم اليقين مدى ثبوت الرؤية من عدمها في كافة الظروف المناخية ، وذلك ما يجعل الأمر لايخرج عن طاقة الناس واستطاعتهم ،

أما الناس بالمجتمعات التي لاتتوفر فيها الوسائل العلمية المنوه عنها فهم ليسوا محل تكليف بأن يحملوا أنفسهم ما لاطاقة لهم به ، وإنما هم مكلفين بما في وسعهم بالاقتصار في حالة رصد الأهلة على إمكانياتهم المتاحة بالمشاهدة بالعين المجردة .

وبذلك يكون علم الفلك بالاضافة إلي أنه يسهم في تيسير رؤيه الأهلة فهو من العلوم التي توضح الإعجاز القرآني ، الذي يزيد من قوة الإيمان لدى الإنسان ، بمعرفته لملكوت السموات والأرض ، وما فيهما من آيات كونيه عظيمة تدل عظمتها على عظمة خالقها ،

بما جعل الشارع الحكيم  يدعو لمثل هذا العلم ويحث على تعلمه ، وعلماء المسلمين يأخذون به متى ما تم تطبيقه بطريقة صحيحة .بل إن علماء الشريعة الإسلامية يلزمون الناس بالتسليم بتطبيقه السليم كحالة ثبوت رؤية الأهلة بالوسائل العلمية التي يستخدمها علماء الفلك والموضحه لها في كل الظروف المناخية الحاجبة للرؤية ، والتي تجعل مشاهدتها بالعين المجردة مستحيلة ،

*   إلا أنه يظل محل الخلاف حول القاعدة التي يعتمد عليها في وقت تحديد رؤية الهلال قائماً    بين علماء الشريعة الإسلامية وبين علماء الفلك بالمراكز العلمية الفلكية ،

 حيث وقت تحديد رؤية الهلال المعتبرة شرعاً هي :

( لحظة غروب شمس ) يوم التاسع والعشرين من كل شهر ،

بينما بعض مراكز علم الفلك تتخذها  ( لحظة طلوع الفجر ) ،

 ولزيادة الإيضاح نأخذ مثالاً واقعيـاً لا نظرياً ، وهو : تحديد بداية ونهاية شهر رمضان المبارك لهذا  العام 2008 م ، الذي أثبت علماء الفلك ببعض  تلك المراكز  تحديدا

( مركز الإستشعار عن بعد في ليبيا )

أن هلاله يولد يوم 30-08-2008  ببعض دول العالم ما قبل وقت الفجر ، وأن شمس ذات اليوم ستغرب بعد غروب الهلال ،

 أي أن الهلال يستبق الشمس في الغروب ، بما يجعل الهلال تحت الأفق لافوقه ،

 ومع ذلك يؤكد علماء الفلك ببعض تلك المراكز  التي منها المركز الليبي على الإعلان بأن أول يوم من أيام شهر رمضان المبـارك هو يـــوم 31-08-2008 إعتماداً منهم على القاعدة التي أعتمدوها ، وهي أن ميلاده قد تحقق قبل طلوع فجر يوم 30-08-2008

 ولا إعتداد لهم بوقت غروب الشمس ، كون الهلال قد بقي بعدها فوق الأفق أم لم يبق ، رغم تأكيدهم أنه لحظتها تحت الأفق لا فوقه .

بما يجعل علماء الشريعة الإسلامية إستناداً منهم على رأي علماء الفلك المؤكد على عدم ثبوت الرؤية وليس إستناداً على الرؤية البصرية بالعين المجردة ، بأن يعلنوا أن يوم 31/8/2008 هو متمم لعدة شهر شعبان ثلاثين يوماً ،

وأن أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك هو يوم 1/9/2008  ،

 لتأكد عدم ثبوت رؤية الهلال ساعة غروب شمس يوم ( 29 ) شعبان ، بما لا يدع مجالاً للشك ،  تأسيسا على مأكده مركز الإستشعار عن بعد بأن الهلال قد استبق الشمس في الغروب ،

وأخذاً منهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم    ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً )

حيث يؤخذ بهذا الحديث حتى في حالة عدم إستيضاح الرؤية ، فما بالك عند تحقق عدم ثبوتها ، بقطع الشك باليقين بواسطة أجهزة الرصد التي تمتلكها المراكز العلمية الفلكية .

* هذا عن بداية شهر رمضان المبارك لهذا العام 2008، التي قد يقول قائل بشأنها أنه خروجاً من الخلاف نأخذ بالأحوط وهو رأي علماء الفلك الذين يرون أن الشهر قد دخل بأن نصوم يوم  31/8/2008 حيث الصيام بزيادة يوم قبل شهر رمضان لايترتب عليه إرتكاب الإثم ، بينما فطره ربما يترتب عليه ذلك .

فنقول لمن يقول ذلك ، فليكن الأمر كذلك رغم أن علماء الشريعة الإسلامية يقولون : لايصام يوم الشك ليحتاط به لشهر رمضان ،

ولكن كيف يكون الأمر في نهاية ذات الشهر ، التي لا تعرف إلا برؤية هلال شهر شوال الذي أثبت علماء المراكز الفلكية أن ميلاد هلاله سيكون يوم   29/9/2008 ببعض أقطار العالم ، إستناداً منهم على أن لحظة الإقتران حدثت قبل دخول وقت صلاة الفجر ليوم 30-09-2088 ،

 بما جعل بعض المراكز الفلكية تؤكد على أن أول يوم من أيام شهر شوال سيكون يوم 30-09-2008

 في الوقت الذي تؤكد فيه أن شمس يوم 29-09-2008  ستغرب بعد غروب الهلال  بمعنى أن الهلال يستبق الشمس في الغروب ، بما يجعله وقت غروب الشمس تحت الأفق لا فوقه ،

 وذلك ما يؤكد عدم ثبوت رؤيته لحظة الغروب .

 الأمر الذي يجعل علماء الشريعة الإسلامية تأسيساً منهم على ما أكدته الوسائل العلمية بعدم ثبوت رؤية الهلال لحظة غروب الشمس ، يعلنون عن إتمام عدة شهر رمضان ثلاثين يوماً،

بما يجعل من أخذ بالأحوط إعتماداً على رأي بعض علماء المراكز الفلكية في بداية شهر رمضان  إما أن يخالفهم ويأخذ بالأحوط فعلاً بإتمامه لعدة الشهر وإما أن يأخذ برأيهم ويفطـر .

بما يجعله منتهكاً لحرمة الشهر في آخر يوم من أيامه ،

 وذلك ما يوجب عليه شرعاً القضاء والكفارة ، لأنه أفطر متعمداً بعد ما تأكد عدم ثبوت رؤية هلال شوال ، وليس متأولاً ، بما يعطيه العذر في إنتهاك حرمة الشهر ، بغض النظر عن خلاف العلماء حول مسألة من أفطر متأولاً ،

وعما إذا كان التأويل قريباً أم بعيداً والتي لا مجال لبحثها في هذا المقام .

• بناء على ما تقدم بسطه فإنه يتضح بجلاء عدم توافق آراء علماء الفلك  ببعض الدول الإسلامية مع علماء  الشريعة الإسلامية .

        لعل ذلك مرده إلى عدم إتفاقهم في تحديد المعيار ، والقاعدة التي يعتمد عليها في تحديد وقت رؤية الأهلة المحددة لبدايات ونهايات الشهور القمرية .

* حيث علماء الفلك ببعض المراكز الفلكية يعتمدون لحظة حدوث الإقتران ، عما إذا كانت قبل دخول وقت صلاة الفجر ، فيعلنون عن بداية الشهر ، وعما إذا كانت بعدها فيعلنون عن إتمام عدة الشهر .

* بينما علماء الشريعة الإسلامية يعتمدون في بدايات ونهايات الشهور القمرية على لحظة غروب الشمس في يوم ( 29 ) من كل شهر ، ويسلمون بالرأي العلمي الذي ينتهي إليه علماء المراكز الفلكية  ، لما يمتلكونه من وسائل الرصد العلمية التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عما إذا كان الهلال لحظة غروب الشمس قد بقي فوق الأفق ولو برهة زمنية ،

فيكون اليوم التالي هو  أول أيام الشهر ،

وفيما إذا كان الهلال لحظة غروبها تحت الأفق بما يؤكد علمياً عدم ثبوت رؤيته ، يكون اليوم التالي متمم لعدة الشهر ثلاثين يوماً .

* وبذلك فإن عدم توافق آراء علماء الفلك وعلماء الشريعة ، يجعل الناس في ريب من الأمر ويختلفون هم الآخرين

 ما بين آخذ برأي علماء الفلك ، وبين آخذ برأي علماء الشريعة تحديداً في بداية شهر رمضان ونهايته ،

رغم أن المسألة لها علاقة بكثير من العبادات الأخرى غير الصيام وفي مختلف الأشهر كما سلف القول .

      وذلك ما يستوجب علمياً لأن يتم توحيد القاعدة التي يعتمد عليها في تحديد وقت بداية الشهور القمرية  ونهايتها  بين الجهتين  العلميتين .

      الأولى :  التي قد لا يعرف ثبوت رؤية الأهلة من عدمه بدقة إلا من خلالها

والمتمثلة في علماء الفلك ، بمراكز الاستشعار عن بعد  وعلوم الفضاء ، بالدول الاسلامية ، باعتبار تلك المراكز هي الجهة العلمية المؤهلة اكثر من غيرها في إثبات رؤية الأهلة من عدمها ، لما تملكه من أجهزة الرصد الفنية والثقنية العصرية ، التي أصبحت تغني الجميع عن الرؤية البصرية بالعين المجردة ، في كل الأحوال ومختلف الظروف المناخية ،

والثانية :  التي لا غنى عن رأيها في موضوع الإعلان عن بداية ونهاية شهر رمضان ، بعد اطلاعها على الرأي العلمي الفلكي ، والتي تتمثل اي الجهة الثانية في جمهور علماء المسلمين بالمجامع الفقهية ،

لتعمل كلا الجهتين بعد مناقشتهما للآراء العلمية الفلكية والشرعية ، على تحديد القاعدة التي يعتمد عليها في تحديد بدايات ونهايات الأشهر القمرية ،

وخاصة بداية ونهاية شهر رمضان ، حتى يصوم المسلمون ويفطرون  وهم على يقين من الأمر ، وثقة كاملة في صحة صحة صيامهم وإفطارهم برأي قاطع لاجدلية فيه ،

*    حيث ما يجري به العمل وهو الإعتداد بالرأي الفلكي في منأى عن الرأي الشرعي في بعض الأقطار الإسلامية والعكس في بعض الأقطار الأخرى ، لهو أمر لا يطمئن إليه عموم الناس ، كما هو الحال في هذا العام 2008 م

*    مما يتطلب لأن يتم تناول هذا الموضوع من قبل أهل العلم والإختصاص من علماء الفلك وعلماء الشريعة الإسلامية ، للوصول في ذلك إلى حسم الخلاف وإنهاء الجدلية في هذه المسألة ذات الطابع الديني الصرف لتعلقها بركن من أركان الدين الإسلامي الحنيف وبأساس من أساسياته التي لايسمح فيها بالخلاف ، وليس بجزئية من جزئياته التي يسمح فيها بذلك

.

     وذلك ضماناً لأن يتم إطمئنان عامة الناس في الدول الإسلامية على صحة أدآئهم لعباداتهم وفق تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء ، 

• وبالمناسبة لايفوتنا أن نهيب بأهل العلم والإختصاص لأن يناقشوا الفكرة المستحدثة من قبل من يقولون أنهم سيعملون على توحيد بداية شهر رمضان ونهايته لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ،

من خلال أجهزة الرصد التي أطلقوا عليها اسم ( الشاهد)  والتي بربطها بالأقمار الإصطناعية ، وأجهزة الرصد ، يتم تمكين المسلمين في كافة أصقاع المعمورة من مشاهدة الهلال في لحظة ميلاده ،

بمعنى أنهم يعتقدون أنه متى ماشاهد المسلم هلال شهر رمضان عبر تلك الأجهزة يعتير ممن رآه رأي العين ، بما يوجب عليه الصوم ،

وكذلك الحال بالنسبة لهلال شوال بما يوجب عليه الفطر ، وذلك لخروجه من دائرة من غم عليهم باعتبار الحديث الشريف يقول : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأقدروا له)

• وذلك مانراه لايتفق والرأي الشرعي ولايتوافق مع الواقع الجغرافي ، حيث من المعروف بداهة أن أقطار العالم فوق الكرة الأرضية تختلف في المواقيت حسب مواقعها واختلاف مطالع الشمس والقمر عليها ،

•  فبحكم دوران الأرض حول الشمس تشرق عليها الشمس كل أربع وعشرين ساعة بغض النظر عن طول النهار وقصره حيث المناطق القطبية والقريبة منها تختلف عن المناطق الإستوائية والقريبة منها ،

• ومثلما يحدث دوران الأرض حول الشمس اختلاف مطالع الشمس عليها كذلك يحدث دوران القمر حول الأرض مطالع القمر عليها ، بما يؤدي الى استحالة وحدة الليل والنهار بكل الأقطار فوق الكرة الأرضية ،

• وذلك مايجعل علماء الشريعة الاسلامية لايوجبون الصوم أو الفطر في حالة ثبوت رؤية الهلال إلا على من كان بالقطر الذي ثبتت به الرؤية ،

 دون الزام أهالي الأقطار البعيدة بذلك ، استنادا منهم على اختلاف المطالع بين الأقطار خاصة منها المتباعدة جغرافيا ، ويؤكدون على أن لكل قطر مطلعه ،

• إذا فمن أين لهؤلاء القائلين بوحدة الصيام وعيد الفطر لكل المسلمين بدول العالم قاطبة بما في ذلك من هم في الأقطار التي لاتشترك في الليل والنهار ،

لأن يجدوا من يبارك لهم جهودهم ويشيد بعملهم ووصفه بأنه خطوة على طريق وحدة المسلمين ؟

• في الوقت الذي يكون فيه ذلك العمل غير متصور عقليا  ، ولامستساغ منطقيا ، ولامقبول علميا ، لبناء الفكرة على مغالطة تصطدم مع الواقعية الجغرافية والأسس العلمية ، على النحو الذي تم التنويه عنه ،

• وأن القول بأن المناظير التي أطلقوا عليها الشاهد ستجعل الجميع بكل الأقطار يشاهدون الهلال في ذات لحظة ميلاده يعد أمرا من البدهيات حيث الشمس والقمر لايغيبان اطلاقا عن كامل الكرة الأرضية ،

 وانما بحكم دوران الأرض يغيبان عن أجزاء من الكرة الأرضية ويشاهدان في أجزاء أخرى منها ،

وأن اختفاء الشمس عن سطح الأرض كليا لايكون إلا في حالة الكسوف ، الذي يحدث عندما يقع القمر بين الأرض والشمس وتكون مراكز الأرض والشمس والقمر على استقامة واحدة

كما أن اختفاء القمر عن سطح الأرض كليا لايكون إلا في حالة الإقتران ( المحاق )

وهو عندما تكون القمر والأرض والشمس على استقامة واحدة ، أو في حالة الخسوف الكلي ،

• وبذلك فان فكرة الشاهد نراها لم ترتب حكما شرعيا جديدا يعول عليه الناس ، ولانتيجة علمية تذهل أذهان الناس ،

 كما اعتقد غير أهل العلم الذين انبهروا بتلك الفكرة الخاطئة بخطأ أصحابها في فهم الحكم الشرعي والواقع الجغرافي ، بقولهم بوحدة يوم صيام وعيد المسلمين ممن يقيمون بأقصى الشرق كاليابان مثلا مع من يقيمون بأقصى الغرب كأمريكا مثلا ،

• رغم الفارق الزمني الكبير بين القطرين ، وذلك مايجعل الأوضاع اليومية لقاطني القطرين مختلفة تماما ،

بأن يكون سكان القطر الأول الذين هم بأقصى المشرق في حالة عمل دؤوب لأنهم  في النهار ،

 قال تعالى : ( وجعلنا النهار معاشا )

في حين يكون أهل القطر الثاني الذين هم بأقصى المغرب في حالة نوم لأنهم  في الليل ،

قال تعالى : ( وجعلنا اليل لباسا )

الأمر الذي لايتصور معه لأن يصوم أو يفطر من كان وقته منتصف النهار مع من كان وقته منتصف الليل ،

• مما يتطلب من أهل العلم والاختصاص خاصة بالمجامع الفقهية والمراكز الفلكية لأن يناقشوا مسألة رؤية الأهلة وتحديد وقت تحري الرؤية ،

وأن تصدر فتاوى توضح لعامة المسلمين الآراء العلمية الصحيحة الشرعية منها والفلكية ، بما يجعل الجميع لأن لايكونوا في ريب من أمر يتعلق بركن من أركان دينهم الإسلامي الحنيف ( صيام شهر رمضان ) 

  وذلك بحسم الجدلية العلمية بين علماء الفلك وعلماء الشريعة الإسلامية حول بدايات ونهايات الشهور القمرية ،

 أخذا بقوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيئ فردوه الى الله والرسول ) صدق الله العظيم

• وما غايتنا من وراء إثارة هذا الموضوع واعداد بحث بشأنه إلا ليتم تناوله من قبل أهل العلم والاختصاص ،

  بما ينهي الجدلية القائمة ، وحرصنا على عدم الخروج عن تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء

والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي الى سواء السبيل

زر الذهاب إلى الأعلى