حكم التستر على الخوارج التكفيريين
بقلم فضيلة د. إسماعيل عبد الرحمن
أستاذ أصول الفقه المساعد بجامعة الأزهر _ رئيس فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بدمياط
إن خوارج عصرنا من الجماعات التكفيرية يرفعون هذه الأيام – كعادتهم – شعار (إيواء المسلم ) و (هجرة المجتمعات الكافرة )
ولقد حرم الإسلام فكرهم المبني على تكفير المسلم واستباحة دمه وعرضه وماله كما حرم التعامل معهم ونصرتهم والتستر عليهم والأدلة على ذلك كثيرة منها :قوله تعالى :(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ) قال ابن كثير رحمه الله : يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل. والتعاون على المآثم والمحارم.
ومنها: حديث علي بن أبي طالب رضى الله عنه : لعن الله من لعن والده ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض( أخرجه مسلم والنسائي وأـحمد ) قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري رحمهما الله: ودل الحديث على أنه من آوى أهل المعاصى والبدع أنه شريك فى الإثم.
وقال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم : وأما المحدث – بكسر الدال – فهو من يأتي بفساد في الأرض وأي فساد أكثر مما أفسد خوارج عصرنا رعاة التطرف والإرهاب
وقال ابن حجر رحمه الله في الفتح 🙁 باب إثم من آوى محدثا )من آوى محدثا قال في النهاية يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل أو المفعول فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه وبالفتح هو الأمر المبتدع نفسه الذي ليس معروفا في السنة ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه.
و قال الصنعاني رحمه الله في التنوير :ولعن الله من آوى) أي ضم إليه وحوي (محدثاً) اسم فاعل من أحدث إذا أتي بجناية ففر إلى من يمنعه من انتصاف خصمه منه فإنه يحرم الحيلولة بينه وبين ما أمر الله به من الانتصاف منه .
ومما تقدم يتضح أن المتستر على مجرم ممن أجرموا في حق الإسلام والمسلمين من الجماعات التكفيرية فهو شريك لهم في الوزر والإثم وأحد مفاتيح الشر الذين حظر منهم الرسول صلى الله عليه وسلم وتوعدهم بالهلاك والخسران في حديث أنس رضى الله عنه : إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ( أخرجه ابن ماجه والبيهقي )
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم