أحكام صيام شهر رمضان المبارك

بقلم المستشار عبد السلام مهاجر قريرة

( يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ، أياما معدودات ، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ، فمن تطوع خيرا فهو خير له ، وأن تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون )
ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام ،،
( بني الاسلام على خمس ، شهادة أن لا اله الا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام من استطاع اليه سبيلا) بالآية الكريمة ، والحديث الشريف ،، أقيم الدليل من الكتاب
والسنة على فرضية صيام شهر رمضان ،، وأن صومه ركن من أركان الدين الاسلامي الحنيف ،،
وبذلك أجمعت الأمة على ذلك ،، وظل عامة الناس وخاصتهم على يقين من وجوب صوم الشهر ،
يعرف علماء اللغة العربية الصيام بأنه هو :
الإمساك عن الشيئ ، من طعام ، أو كلام ، أو غير ذلك
فاذا أمسك شخص عن الكلام يقال له في اللغة صائم ، أي ممتنع عن الكلام ،
كما في قوله تعالى : ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم أنسيا )
أي صمتا وامساكا عن الكلام ،
ويعرفه علماء الشريعة الاسلامية بأنه هو :
الإمساك عن المفطرات يوما كاملا من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس)
ويزيد علماء المالكية والشافعية لهذا التعريف كلمة ( بنية) أي يعدون النية ركن من أركان الصوم بينما يعدها علماء الحنفية والحنابلة شرط لازم للصوم ،
وعلى كلا الرأيين لايصح الصوم إلا بتبييت النية ماقبل حلول الفجر
وهي ليست واجبة في كل ليلة من ليالي شهر رمضان ،
فيكفي أن ينوي الشخض في أول ليلة منه صيام الشهر كاملا
ويظل تجديدها كل ليلة من باب الاستحباب وليس الوجوب
الا إذا انقطع الصوم بموجب شرعي فعند العودة للصيام وجب تجديد النية .
شروط وجوب وصحة الصوم ،،
1 – الاسلام / بمعنى ان الصيام لايجب على الكافر وجوب مطالبة ، وإن كان يعاقب عليه في الآخرة ،
2 – البلوغ / فلايجب الصيام على الصبي الذي لم يبلغ الحلم ، و لكن يؤمر به متى مابلغ العاشرة من العمر وكان قادرا على ذلك ، 3 – العقل / فلايجب الصوم على المجنون متى ماكان مطبقا لايعقل مايدور حوله ،
4 – القدرة / وهي الاطاقة / حسا ، وشرعا ، فلا يجب الصوم على من لم يطقه حسا ، مثل الشخص الطاعن في السن ، ومن به مرض لايرجى برؤه لعجزهما أي الكبير والمريض حسا ، فالشيخ الكبير ، والمريض الذي به مرض لايرجى برؤه ، لاقضاء عليهما ،،
وانما يجب عليهما اطعام مسكين عن كل يوم من أيام الشهر ، متى كانا ميسوري الحال ،لقوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )
ولايجب الصوم على المرأة الحائض أو النفساء لعذرهما شرعا ، ويجب عليهما قضاء مافاتهما من صوم شهر رمضان بعد زوال المانع ، فيما بعد يوم عيد الفطر ،كما أن الحامل اذا خافت هلاك جنينها والمرضع اذا خافت هلاك رضيعها ،
لهما أن يفطرا ، وعليهما قضاء الأيام التي أفطرا فيها ،
والمرضع تطعم مسكينا مع كل يوم تقضيه ،
5 – الاقامة / يجوز الفطر للمسافر لقوله تعالى : ( فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من أيام أخر)
وذلك بشرط أن يكون السفر للمسافة التي تبيح قصر الصلاة بتجاوزها ( 80 ) كم فما فوق ،
وان يكون السفر مشروعا ، ليس لارتكاب أي محرم شرعا ،
وان يخرج المسافر من بلد اقامته قبل طلوع الفجر
وعلى المسافر قضاء الأيام التي أفطرها في سفره بعد اليوم الأول من أيام عيد الفطر ،
لقوله تعالى : ( فعدة من أيام أخر)
وله أن يصوم أثناء سفره لقوله تعالى ( وأن تصوموا خير لكم )

هذا عن الصوم ، وشروط صحته ، وذلك أمر متعلق بين العبد وخالقه ،

والبعض يعتقد أن ذلك هو أقصى ماهو مطلوب من الصائم
في حين أن حكمة مشروعية الصوم لاتتوقف عند حد الإمساك عن المفطرات المادية
وإنما الحكمة التشريعية من فرضية الصيام هي تتعدى ذلك ، بأن يكون المسلم في هذا الشهر أكثر فاعلية في عمل الخير للناس ، حيث خير الناس أنفعهم للناس ،وأن يكون مضطلعا بمهامه الإنسانية تجاه الناس في كافة تعاملاتهم ، فقد ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن الدين المعاملة ، والدين النصيحة ،
ولايؤمن المؤمن حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه ،
ولا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع الى جنبه وهو يعلم به ،
والأعظم من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في إن يدع طعامه وشرابه )بمعنى أن الذي لايترك قول الزور ، ولايقلع عن العمل بذلك القول ، فلايعني شيئا تركه للأكل والشرب ،
فلو كان المسلم آكلا للطعام ، متناولا للشرب ، في نهار شهر رمضان ، لهو أمر أهون من قول الزور والعمل به ، فالزور لغة : هو الميل ، وقول الزور : هو كل قول مائل عن الحق ، فالكذب زور ، والشهادة بالباطل زور ، وإن ادعى الإنسان ما ليس له زور ، والنصب والإحتيال زور ، والإحتكار زور ، والغش والتدليس زور ، وكل ماهو في حكم ذلك زور فالزور لايتوقف على الشهادة فقط ، فكل كلام باطل ومائل عن الحق فهو زور ، وقد وضح الرسول عليه الصلاة والسلام : أن قول الزور من أكبر الكبائر حيث قال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ )
قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وجلس وكان متكئاً فقال : ( ألا وقول الزور ، ألا وقول الزور ، ألا وقول الزور ) ، ولازال يكررها وهو في حالة غضب على من يقول الزور ، حتى قال الصحابة ليته سكت ، إشفاقا على رسول الله ، فيكفي غلظة في التحريم لقول الزور ، كونه من ضمن أكبر الكبائر عند الله ، فأين المسلم الصائم من ذلك ، وأين الصائم الغني من جاره الذي يبيت جائعا بجنبه ،
وفق الله المسلمين لصيامه وقيامه

زر الذهاب إلى الأعلى