في ذكرى رحيله.. الشيخ أبو العينين شعيشع صوت خالد في وجدان الأمة الإسلامية

في مثل هذا اليوم، الثالث والعشرين من يونيو عام 2011، ودّع العالم الإسلامي أحد أعظم قرائه، الشيخ أبو العينين شعيشع، الذي خلّد اسمه بين عمالقة التلاوة بفضل صوته المميز وأدائه القرآني الفريد، ليبقى حاضرًا في قلوب الملايين رغم مرور الأعوام.

ولد الشيخ شعيشع في 22 أغسطس 1922 بمدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وكان الابن الثاني عشر لوالديه. حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ يوسف شتا قبل أن يتم العاشرة من عمره، وذاع صيته مبكرًا عندما تلا في حفل بالمنصورة وهو في الرابعة عشرة.

التحق بالإذاعة المصرية عام 1939، حيث تأثر في بداياته بالشيخ محمد رفعت، الذي ربطته به علاقة قوية. وعندما تعرضت تسجيلات الشيخ رفعت للتلف، استعانت به الإذاعة لترميمها، لقدرته الكبيرة على تقليد صوته بدقة، لكنه سرعان ما كوَّن أسلوبًا خاصًا جمع بين تقاليد المدرسة المصرية الأصيلة والابتكار في الأداء.

لقّب بـ”شيخ دولة التلاوة” بعدما مثّل مصر في قراءات دولية عديدة، وكان أول من تلا القرآن الكريم في المسجد الأقصى، ورفعت تلاوته في المسجد الحرام بمكة، والجامع الأموي بدمشق، والكاظمية في بغداد، والمركز الإسلامي في لندن، إضافة إلى مساجد شرق آسيا، وكان لصوته أثر بالغ في دخول العديد من غير المسلمين إلى الإسلام.

رغم إصابته بمرض في الصوت مطلع الستينيات، عاود التلاوة بعد تعافيه، وواصل مسيرته القرآنية بثبات. وخلال السبعينيات، ساهم في تأسيس نقابة قراء القرآن الكريم، وانتُخب نقيبًا لها عام 1988 خلفًا للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، واستمر في المنصب حتى وفاته.

كان أيضًا عضوًا في لجنة اختبار القراء بالإذاعة، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ورابطة العالم الإسلامي، وعيّن قارئًا لمسجدي عمر مكرم والسيدة زينب في مراحل مختلفة.

نال الشيخ العديد من الأوسمة والتكريمات الدولية، منها: نيشان الرافدين (العراق)، وسام الأرز (لبنان)، وسام الاستحقاق من سوريا وفلسطين، وأوسمة من باكستان والصومال والإمارات.

على الصعيد الشخصي، عُرف بوفائه لزوجته “حسنات” التي توفيت قبل رحيله بخمسة عشر عامًا، ولم يتزوج بعدها. أنجب منها ثلاثة أبناء: الدكتور محمد حسام (طبيب بالولايات المتحدة)، ومحمود (الذي شغل منصبًا بالبنك الزراعي وتوفي لاحقًا)، ومنى (مترجمة فورية).

ورغم شهرته الواسعة، ظل الشيخ شعيشع زاهدًا بسيطًا، بعيدًا عن الأضواء، متواضعًا في حديثه، عميقًا في تأثيره، محتفظًا بهيبة العلماء وسكينة القراء حتى أيامه الأخيرة.

وفي يوم 23 يونيو 2011، توفي عن عمر يناهز 89 عامًا، وشيّعته مصر في جنازة مهيبة، ودُفن في المقابر المجاورة لكلية البنات بالقاهرة. وفي اليوم التالي، أقيمت له صلاة الغائب في مسقط رأسه بمدينة بيلا، وخصصت خطبة الجمعة لذكر مآثره.

رغم رحيله، بقي صوت الشيخ شعيشع رمزًا للسكينة والروحانية، وتُذاع تلاواته يوميًا في الإذاعات والقنوات والمنصات، شاهدًا على مدرسة قرآنية أصيلة لا تُنسى، ومؤكدًا أن “كروان دولة التلاوة” سيظل حيًا في وجدان الأمة الإسلامية.

زر الذهاب إلى الأعلى