بالتعاون مع الجامع الأزهر.. الأسبوع الدعوي الحادي عشر يسلط الضوء على المنهج النبوي في بناء الأسرة ويؤكد: السعادة لا تكتمل إلا باتباع الهدي النبوي

استكمالًا لفعاليات الأسبوع الدعوي الحادي عشر للأزهر الشريف، والذي تعقده الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة بالتعاون مع الجامع الأزهر، تحت شعار “سيرة ميلاد وبناء أمجاد”، شهد الجامع الأزهر فعاليات اليوم الثاني، بندوة حول “إشراقات بيت النبوة”، بحضور فضيلة أ.د عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وفضيلة أ.د علي مهدي، أمين سر هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وأدار اللقاء فضيلة الدكتور أحمد همام، مدير عام الإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية.

استهل فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، ببيان القدر العظيم لبيت النبوة ﷺ، لأن هذا البيت هو البيت التي جمعت فيه الشمائل المحمدية بأكملها، من خصال وسمات وسلوكيات أشرف وأجل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، لهذا شرع له الحق سبحانه وتعالى وضعت تشريعاته الحياة من قبل الحق سبحانه وتعالى، ليكون نموذجًا عمليا في تطبيق المنهج الإلهي للحياة، مضيفًا أن بيت الأمة هو المدرسة التي خرجت منها دروسًا في شتى مجالات الحياة، من أجل أن تتعلم منها الأمة لتسير في ضوء بيت النبوة ﷺ، ولا يمكن للسعادة أن تكتمل لأي أسرة مالم تسير وفق المنهج الذي طبقها النبي ﷺ في بيته، من خلال قيامه بمسؤولياته وواجباته، تجاه أهل بيته، ومن خلال أداء أهل بيته ﷺ واجباتهم وقيامهم بمسؤوليتهم على الوجه الأمثل.

وأوضح فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، إن النبي ﷺ انطلق في الحياة الزوجية من توجيه إلهي وهو قول الحق سبحانه وتعالى: “وعاشروهن بالمعروف”، هذا القانون لو طبقته الأسر اليوم لما أصابهم ضرر أو نشبت بينها خلاف، ووضع النبي ﷺ لهذا القانون جملة من الإجراءات النبوية التي تبين كيفية أن يسير المسلم في ضوء هذا التوجيه الإلهي فقال ﷺ:”لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر”، وهي توجيه للزوج بعملية الموازنة بين صفات الشخص وأخلاقه، ويتغاضى عما يجده منها من شيء غير محمود لأجل ما اتصفت به من الصفات والأخلاق المحمودة.

وأضاف فضيلة الدكتور العواري، إن السيرة النبوية بينت لنا كيف كانت حياة النبي ﷺ مع زوجاته الكرام، تمثل منهجًا متكاملًا، لو طبقته البشرية لا أصبحت الأسر لا تعرف الشقاق والفجوة بين أفرادها، داعيًا الأسرة المسلمة لإعادة لتطبيق المنهج الذي سار عليه بيت البنوة، لأنه يضمن استقرار الأسر وسعادتها، هذا المنهج الذي يتضح من قول السيدة عائشة: “كان يَخيطُ ثوبَه ويخصِفُ نعلَه ويعمَلُ ما يعمَلُ الرِّجالُ في بيوتِهم”، وعلى الرجال اليوم أن يقتدوا برسول ﷺ في بيوتهم من أجل أن تملأ البيوت الود والخير والبركة.

من جانبه أكد فضيلة الدكتور علي مهدي، أهمية الاقتداء بالنبي ﷺ في جميع مناحي الحياة، لأن البشرية لم تعرفًا بشرًا أكمل في خلقه وفي خلقه مثلمًا كان رسول الله ﷺ، فلو نظرنا إلى النبي مع أولاده سنجده ﷺ رحمة كاملة بهم في كل شيء، هذه الرحمة التي يبنها موقفه عندما كان ﷺ يصلي، فصعد حفيده على ظهره وهو ساجد، فبدلاً من أن يُنزل الطفل أو يقطع النبي ﷺ، صلاته سريعاً، أطال النبي ﷺ، سجوده حتى نزل الطفل بنفسه، وبعد أن فرغ من الصلاة، قال الصحابة: يا رسول الله، لقد أطلت السجود! فقال ﷺ:”إن ابني هذا قد ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته”، هذه العاطفة من الحب والرحمة تبين كيف كان ﷺ رحيما وشفوقًا في تعامله مه أبنائه، وفي حديث آخر تبين رحمته ﷺ فقد كان ﷺ عندما يصلي يحمل حفيدته “أمامة” وهي حفيدته من أبنته زينب، وفي مشهد آخر غير مألوف في بيئة العرب آنذاك، قبل النبيُّ ﷺ حفيديه، الحسن والحسين، وحين رأى الأقرع بن حابس هذا المشهد، تعجب وقال: “اتقبلون صبيانكم؟” فأجابه النبي ﷺ بكلمات عظيمة تكشف عن جوهر الرحمة التي بعث بها: “نعم، من لا يرحم لا يُرحم”.

وبين أمين سر هيئة كبار العلماء، إن الآباء والأمهات لو طبق منهج النبي ﷺ في تربية الأبناء، لما وقع الشباب فريسة في براثن الفكر المتطرف ولا تلقفتهم أيادي رفقاء السوء والأخلاق الرذيلة، لأن احتواء الأسرة يحدث لديهم تشبعًا بمعاني القيم النبيلة والراقية، هذا المعنى الذي يجسده موقف زيد حارثه، عندما خير بين أن يعود مع أبيه أو يظل في بيت النبي ﷺ، فاختار أن يظل في كنف بيت النبي ﷺ، نتيجة للرحمة والحب والعطف الذي وجده في بيت النبوة، وما يحدث من شقاق بين الآباء والأبناء اليوم ما هو إلا نتيجة أن الآباء والأمهات اليوم منشغلون بمتطلبات الحياة المادية، مما يجعلهم يقضون وقتاً أقل مع أبنائهم، هذا الانشغال لا يترك مجالاً للحوار، فهموم الأبناء تبقى حبيسة دواخلهم، وتكمن المشكلة الكبرى في أن لتواصل بين أفراد الأسرة غالباً ما يقتصر على الأوامر والتوجيهات، دون وجود حوار عميق يستمع فيه الآباء لمشاكل أبنائهم، هذا الفراغ يجعل الأبناء يبحثون عن جهة أخرى تفهمهم، حتى لو كانت هذه الجهة سيئة.

وفي ختام الندوة قال فضيلة الدكتور أحمد همام، إن بيت النبوة هو مدرسة حياتية متكاملة، فالنبي ﷺ كزوج جسد أعلا قيم النبل والرحمة والود في تعامله ﷺ مع زوجاته رضوان الله عليهم، فاستطاع تحقيق درجة راقية من الاستقرار والوئام الأسري، الذي يعد مثالًا لو أحتذى به لأصبحت جميع الأسر في وئام، لأن منهج النبي ﷺ في تعامله مع زوجاته الكرام، يضمن السعادة والاستقرار، كما كان ﷺ يتعامل بحكمة مع أبنائه ولين في توجيهم، وهو النموذج الأمثل في تربية الأبناء وتأهيلهم للخروج إلى الحياة، وقدم ﷺ منهجًا متكاملًا في تربية الأبناء هذا النموذج يصلح لأن يحقق أمان المجتمعات، لأن التربية السليمة هي التي تحقق الأمام النفسي والفكري للأفراد.

جدير بالذكر أن الأسبوع الدعوي الذي تشرف عليه وتنظمه اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، يهدف إلى تعزيز الوعي الديني الصحيح، ومواجهة الأفكار المتطرفة، ونشر تعاليم الإسلام السمحة، من خلال طرح علمي لنخبة من كبار العلماء والدعاة، ويعكس الأسبوع الدعوي حرص الأزهر الشريف على التواصل المباشر مع الجمهور، وتقديم الإرشاد الديني بطريقة مبسطة وميسورة.

يأتي ذلك وفق توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ، وباعتماد فضيلة أ.د محمد الضويني وكيل الأزهر، عضو مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، ود. هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر.

زر الذهاب إلى الأعلى