“ريان” جاء ليذكركم أنكم أمة واحدة.. ورحل
▪️بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى / مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
خرج من ضيق البئر إلى سعة الجنة .
من كفالة والديه إلى كفالة إبراهيم وسارة عليهما السلام
عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أطفال المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم و سارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة .
رواه أحمد والحاكم والبيهقي بسند صحيح
مشهد التفاعل مع الطفل ريان ثم تحمُّله كل هذا الوقت لهذه الإصابات التي ألمّت به، وهذه المصروفات الباهظة والجهود المضنية لإنقاذه، وهذا التعلق الشديد لنجاته، ثم الفرحة الغامرة عند خروجه، ثم بعد قليل من هذا الخروج تصعد روحه لبارئها، فسبحان الله!
موقف هذا الطفل أعطانا الروح والأمل ثم هو الآن يعطينا الصبر والاسترجاع .
فاللهم لك الحمد على قضاءك ، فالحكمة من هذا كله منها ما هو خفي عنا، ومنها ما هو ظاهر لبعضنا.
والذي أراه من حكمة الله البالغة في هذا الموقف:
أن الله سبحانه وتعالى جمع قلوبنا على شيء قد يتكرر في أماكن كثيرة ولا يحدث مثل هذا الاجتماع والائتلاف، والمعنى أن الله قادر على جمع قلوبنا وائتلافها رغم هذا التباعد الكبير والتنافر الشديد، ولكن لأنه العليم فهو الذي يقدّم ويؤخر، ويعطي ويمنع، ويرفع ويخفض، فحكمته لا يحيط بها أحد، ولا يستطيع تخيل مجراها أحد، فلا تيأسوا من روح الله ولا تظنوا به إلا خيراً.
فبالأسباب الضعيفة تجتمع الأمة، فهو الذي بيده القلوب يقلبها كيف يشاء وهو الحكيم الخبير.
إنا لله و إنا إليه راجعون
اللهم اجعله يسبق أهله إلى الجنة و يأخذ بأيديهم إليها
و أخلف لهم يارب خيراً منه
الله تعالى له الحكم الباهرة فيما يبدو للناس شر محض لكنه و الله شر من وجه و خير من وجوه ( و الخير كله في يديك و الشر ليس إليك )
ألم تر كم الرحمات التي نزلت في قلوبنا
ألم تر إلى تلك الأخوة الإيمانية التي أيقظها هذا الفتى بيننا
ألم تر إلى كم الدعوات و التضرعات التي رفعت لله و هو يحب ذلك و يجازي عليه و لا سبيل إلى ذلك إلا بالمحن
ثم ما يدريك ما يخبؤه الغيب .
لقد رحم الله الأبوين في قصة موسى و الخضر بقتل ولدهما .. بل رحم الولد أيضاً
نحن عبيد جهلة لا نحيط بالعواقب .
نقف أمام رب رحيم كريم حكيم .
نثق في عدله و فضله و حكمته و رحمته ونرضى بحكمه لثقتنا في حكمته
و لا نقول إلا ما يرضي ربنا .
و في حديث أبي موسى أن رسول الله ﷺ قال:
إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد .